اخر الاخبارمقالات

رصيدنا الزمني.. وخواء المشاعر !!

بقلم :دلال راضي
ونحن على بداية عام جديد سنجد أن العلم هو سيد الموقف وتوقعاتنا لما سيأتي تبقى إيجابية تماما لارتباطها بتقدم العلوم في شتى المجالات، فالعلم هو القوة الوحيدة القادرة على جعل العالم مكانا أسعد من عام لآخر، ومع تزايد سلطة التكنولوجيا على حياتنا سنجد أن حياتنا تسير بالتوازي مع كل التحديثات الطارئة على هذه التكنولوجيا، أو مع أي ابتكارات قادمة، وبالتالي نلاحظ أن الفترة الزمنية القصيرة أصبح بمقدورها اكتساب خصائص جديدة لم تكن تخطر على البال وذلك بفعل التقدم التكنولوجي وارتباطه الحميم بحياتنا، من جهة أخرى يجعلنا هذا التقدم المتسارع على مسافة بعيدة نوع ما من الأعوام المنصرمة من أعمارنا رغم شعورنا بسرعة مرور الزمن وانقضاء الأعوام.
الملاحظ أن أغلب أعوامنا تكاد أن تكون عاما واحدا ليس بسبب رتابة أحداثها ولكن بسبب انتظام تفاعلنا معها بنفس الطريقة وبذات الدرجة، وكل هذا ناتج عن عدم التخطيط والاستهانة بالعمل الموازي للحالة الزمنية والذي يخضع للتقييم المرحلي، فلو أن كل واحد منا قام في نهاية كل عام مثلا بعمل مراجعة وتقييم لكل الأعمال التي أداها والمواقف التي مر بها خلال العام، بحيث يراجع طريقة أدائه وهل كانت إيجابية أم سلبية، وما هي نتائج كل عمل وكل موقف وما هي الإخفاقات وما هي النجاحات وما هي الأسباب المؤدية إليها، لاستطاع حصر النجاحات التي حققها وبالتالي سيعمل على تنميتها والمحافظة عليها واتباع أسبابها، ومن ناحية أخرى سيقوم بحصر كل الإخفاقات والعثرات وسيقدم على البحث عن أسبابها بصورة واقعية والحرص على عدم تكرارها أو الانسياق ورائها، فلو كان لنا مراجعة سنوية بهذا الشكل فمن المؤكد أنها ستفضي إلى وضع خطة سنوية تشمل جميع جوانب حياتنا، وحين العمل بمقتضاها والحرص على تنفيذها ضمن إطار زمني محدد ومقتطع من المدة الكلية للعام فإننا سنشعر بمدى أهمية الوقت وبقيمة الانجازات التي نقوم بها وسندرك قيمة الحياة وجوهرها الحقيقي، فالعمر الحقيقي ليس ما عشت ولكن ما أنجزت.
لا أدري هل سطحية الشعور أم خواء المشاعر وراء تشتت رؤانا تجاه الزمن وعدم قدرتنا على التشبث باللحظة التي نعيشها فسرعان ما تنسل منا قبل أن أن نصنع فيها ما يجعلها ترتبط ارتباطا وثيقنا بذاكرتنا، ومع ذلك نجد أن الزمن يمر علينا إما كفراغ قاتل أو انشغال يسلبنا كل الوقت ويجعلنا على حافة الجنون من الإفراط في الجهد الذهني أو البدني، وعندما نحاول التركيز في حالة الانشغال التي نعيشها ويعيشها من حولنا سنجد أنها لدى الأغلب حالة من الارتباك والفوضى ليس لها أي مؤشرات للقياس، وأحيانا ليست ناتجة عن الارتباط بعمل معين أو وظيفة محددة بحيث يكون لها نتائج وانجازات أو حتى اخفاقات، لكنها نوع من إهدار الوقت ناتج عن ارتباطات هشه ومكرره وليس لأغلبها أي جدوى وأغلبها مرتبط بالشبكة العنكبوتية.
حقيقة الأمر أن الزمن هو مضمار للإنسان ليصول فيه ويجول وليطلع وينظر إلى ما خلق الله في هذا الكوكب فيقوم بواجبات استخلافه عليه، ومن هذا المنطلق نجد أن العمر في الواقع رصيد من الزمن منحه الخالق لنا وترك لنا حرية التصرف فيه، وبالتالي فنحن بدورنا قد نهدر هذا الرصيد في اللاشيء وحين يوشك على النفاد سنكتشف أننا مفلسون وأن خسارتنا لا تعوض، ومن ناحية أخرى قد نستغل هذا الرصيد الزمني في تحقيق الكثير من الإنجازات، ووضع العديد من البصمات الإيجابية في حياتنا وحياة الآخرين، وترك ذكرى طيبة تمنحنا الخلود في ذاكرة الأجيال القادمة وبالتالي نكون قد أنفقنا رصيدنا الزمني بشكل مربح فنشعر بالرضا وبأننا نستحق الحياة.
على كلٍّ الحياة قصيرة، ومن يقدر في حياته على عمل شيء يخلد اسمه ويستفيد منه سواه ولا يفعل ذلك فسوف يموت نكرة كما يموت أي فرد في القطيع.
كل عام وأنتم ونحن والوطن بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى