إعادة النظر في قضية بائع الملابس المحكوم عليه بالقصاص لقتله إحدى السيدات بجدة
تُعيد المحكمة الجزائية في جدة، النظر في محاكمة بائع المستلزمات النسائية “اللانجري”، المحكوم عليه بالقصاص لإقدامه على قتل سيدة كانت تربطه معها علاقة غير شرعية، وذلك بعد أن اتهمها بنهب جميع مدخراته المالية بالسيطرة عليه عن طريق السحر والشعوذة.
وتعقد دائرة القصاص الأولى في المحكمة، الأسبوع المقبل أولى جلساتها لمحاكمة المتهم للمرة الثانية، وذلك بعد مرور ست سنوات قضاها بسجن بريمان، في انتظار بلوغ طفلي القتيلة الرشد وطلب القصاص منه.
وكان والدا القتيلة قد قررا في وقت سابق التنازل عن القصاص من قاتل ابنتهما مقابل دفع مبلغ 2.5 مليون ريال، وبناءً على ذلك قرر ناظرو القضية الرجوع عن الحكم بالقصاص، غير أن محكمة الاستئناف رأت ضرورة أخذ رأي طفلي القتيلة بعد بلوغهما سن الرشد.
يذكرأن الحادثة وقعت في 931431هــ وهزت في حينها عشرون طعنة سكين، بعضها قاتلة، هدوء ليل حي المروة عندما أجهز شاب يمني في مقتبل العمرعلى شابة من ذات الجنسية بأكثر من 12 طعنة وأصاب شقيقتها بثماني طعنات، استلزمت نقلها على عجل للعلاج في قسم العناية القصوى في مستشفى قريب. قبل العشاء بقليل فوجئ سكان بناية في الحي الشهير بفتاة في مقتبل العمر تصارع الموت وعلى جسدها، الملقى في محيط المبنى، آثار طعنات نافذة والدماء تسيل منها بغزارة، وسارع السكان إلى إبلاغ سلطات الأمن بالمشهد المأساوي. في الحال وصلت إلى مسرح الحادث فرق من الأمن ورجال الأدلة الجنائية وخبراء البصمات وضباط في مكافحة جرائم الاعتداء على النفس، في الوقت الذي طوقت دوريات أمنية مسرح الجريمة وأعدت حواجز من الشريط الأمني الأصفر لمنع دخول الفضوليين، وتولى محققون من شرطة الصفا دراسة مسرح الحادث في نطاق مائتي متر، وأصدر مدير شرطة جدة في حينه تعليماته بضرورة كشف ملابسات الحادث والإيقاع بالجاني في أقرب وقت. في الحال تواجد ميدانيا قرب بناية الجريمة، مساعد مدير الشرطة للأمن الجنائي، ومدير التحقيقات الجنائية الذي أشرف ميدانيا على جمع الدلائل وعلى عمليات تقصي الأسباب. وفتح ضابط التحقيق في قسم شرطة الصفا ملف تحر عاجل في الميدان، في الوقت الذي تفرغ المحققون إلى استجواب سكان المبنى والاستماع إلى شهادة الشهود ومن كانوا قريبين من المسرح لحظة العثور على الفتاة القتيلة. كشفت إفادات مبدئية حصل عليها رئيس وحدة مكافحة جرائم الاعتداء على النفس عن تحديد هوية الجاني الهارب، وجاءت فحوصات وتحريات خبراء البصمات والأدلة الجنائية لتعزيز تأكيد توجيه الاتهام إلى المشتبه الهارب بعد إخضاع نقاط الدم على جسد القتيلة إلى الدراسة والتمحيص الميداني. أجرى الطبيب الشرعي فحصا شاملا على جسد المغدورة الشابة وأحصى فيها أكثر من 12 طعنة أغلبها كانت في مقتل، وتأكدت لجهات الاختصاص أن كل الجروح حدثت من سكين المتهم الهارب. تواصلت عمليات البحث والتمشيط وجمع المعلومات قرابة ثلاث ساعات لينجح رجال الأمن في إسقاط المتهم الذي كان اختار مخبأه في إحدى الشقق السكنية في حي الروضة، وذكرت معلومات أن سلطات الأمن لاحقت المتهم في ثلاثة أحياء، الفيصلية والمروة والروضة، ومازالت السلطات تواصل التحري لمعرفة دوافع جريمة القاتل الشاب.
وقال القاتل بعد أن تم الإيقاع به إنه تسلل إلى منزل الضحية مرتديا عباءة نسوية، وعندما سمحت له بالدخول دلف إلى صالة المنزل وحدثت بينهما ملاسنة حادة انتهت باثنتي عشرة طعنة قضت عليها في الحال. كماأحضر معه أداة الجريمة، الأمر الذي يرجح التصميم والإرادة في الإجهاز على السيدة، ويعزز فرضية التصميم والإعداد المسبق والترصد أن المتهم اختار ارتداء الزي النسوي بغرض تضليل رجال الأمن وتصوير الجريمة وكأنها حدثت من سيدة بسبب خصومة مع القتيلة، غير أن التداعيات التي أعقبت الجريمة فضحت أمره إذ سقطت العباءة من جسده لحظة هروبه إلى الشارع، وتم رصده وهو يركض والسكين تقطر دما، الأمر الذي مكن رجال الأدلة الجنائية والبصمات من رفع عينات منها وفحصها.
الحقائق المثيرة التي كشفها القاتل اليمني الشاب عززتها أقوال أخرى لشقيقة المغدورة التي تعافت من بعض جراحها الخطيرة أمس، وذكرت للمحققين، في الاستجواب، أن القاتل مقيم نظاميا ويعمل في متجر شهير لبيع المستلزمات النسوية في حي الفيصلية، وظل يتهم شقيقته بسحره والتأثير عليه والاستحواذ على كل مدخراته عن طريق الدجل والشعوذة. وتضيف الشاهدة أنها حاولت عبثا إقناع المتهم بعدم صحة أوهامه، ولم يقتنع، فعاش في وساوسه وخزعبلاته التي انتهت بمقتل شقيقتها، ويتم أطفالها عندما تسلل إلى المبنى مرتديا عباءة نسوية وطرق باب الشقة بغرض الانتقام من شقيقتها الراحلة، وزاد هياجه عندما رفضت التحدث معه فاستل سكينا وسدد لها طعنات متتالية كانت كافية لإنهاء حياتها.
تظاهرت بالموت
واصلت الشاهدة تفاصيل نجاتها، وقالت أمام محققي شرطة جدة إنها حاولت عبثا الدفاع عن القتيلة والتصدي للجاني وانتزاع السكين من يده فقاومت القاتل، إلا أنه بادر بتوجيه ثماني طعنات إليها فسقطت أرضا وسط بركة من الدماء، وعمدت بعد ذلك إلى التظاهر وكأنها فارقت الحياة، ورقدت بلا حراك أو تنفس، واعتقد الجاني أنها رحلت فاستجمع أنفاسه وهرب من باب الشقة وهو يحمل العباءة على كتفيه.
تضيف السيدة «تحاملت على إصاباتي البالغة ورفعت صوتي بالصراخ أطلب العون والنجدة، وكانت في إحدى الغرف صديقتي ومعها طفلتها الرضيعة فشاهدت جزءا من سيناريو الجريمة وهربت من الشقة تاركة رضيعتها في غرفة بعد أن أحكمت إغلاق بابها».
تستطرد الشاهدة، أنها سارعت إلى خارج المبنى والدماء تنزف منها وحاولت استيقاف أي عابر طريق ينقذها، فشعرت بدوار عنيف ثم سقطت أرضا، ولم تفق إلا وعشرات المارة يحيطون بها ويسألونها عن ما جرى.