أغلى كاتب سعودي يحيل زاويته إلى التقاعد بعد ٢٨ عاماً
أعلن الكاتب فهد عامر الأحمدي؛ الذي يعد أغلى كاتب سعودي حيث يتقاضى راتباً شهرياً قدره ٤٢ ألفاً، التوقف عن الكتابة وإحالة عموده اليومي إلى التقاعد بعد ٢٨ عاماً واصل فيها الكتابة اليومية عبر زاوية “حول العالم” التي حقّقت قراءات قوية لغرابة وغزارة ما يطرحه كاتبها.
وبرّر “الأحمدي”؛ توقفه بأنه ليس لتراجع مقرؤية الصحافة الورقية؛ لكن لأسباب سيكشفها في مقالته الأخيرة يوم غد.
وقال في مقالة نشرها، اليوم، عنونها بـ “كيف بدأت هذه الزاوية”: “وبعد عامين من مراسلة الصحف ظهر أول مقال (من هذه الزاوية) في صحيفة المدينة بتاريخ 7 أغسطس 1991.. كان بعـنوان (انفجار سيبيريا) وكان عمري حينها 24 عاماً فقط لم أتسلم أي راتب طوال الستة أشهر التالية، رغم أنني كنت حينها عاطلاً عن العمل، لكنني كنت سعيداً بظهور صورتي في صحيفة كبيرة”.
وأشار: “وبسرعة حققت الزاوية شعـبية كبيرة بفضل بُعدها عن السياسة والهموم المحلية وتركيزها على الغرائب والشؤون العالمية (خصوصاً أنها ظهرت قبل ظهور الإنترنت في السعودية بتسع سنوات).. وفي الرابع من يونيو 1999 أثبت استطلاع رأي نظّمته الصحيفة أنها تعـد ثاني أبـرز عنصر جاذب للقرّاء (بعد الصفحات الرياضية) فقرّر رئيس التحرير نقلها إلى الصفحة الأخيرة ومنحني راتباً قدره ألفا ريـال.. في الشهر”.
وأضاف: “وفي أغسطس 2000 تلقيت عرضاً من المرحوم الأستاذ تركي السديري؛ للعمل في صحيفة الرياض.. وافقت فوراً، ولكن بشرطين، الأول؛ أن أكون حراً ولا أداوم في مقر الصحيفة، والآخر أن تظهر الزاوية في الصفحة الأخيرة، كما في صحيفة المدينة”.
واستدرك: “فقال بكل ثـقة: مقالاتك أرسلها لنا بالإيميل، وزاويتك تناسب الطبيعة الخفيفة للصفحة الأخيرة.. لم يسألني كم راتبي ولكنه قال في المكالمة نفسها: سنمنحك ثلاثة أضعاف راتبك في المدينة، ولكن الزاوية يجب أن تظهر بنفس العنوان في الرياض.. فرحت بالراتب، لكنني كرهت الشرط الثاني لأن (حول العالم) كان عنواناً قديماً ومستهلكاً حتى في ذلك الوقت، ولم أختره بنفسي حين بدأت مغلوباً على أمري في صحيفة المدينة”.
وأكّد: “ودون شك، كان انتقالي لصحيفة الرياض علامة فارقة في حياتي المهنية.. أول مقال فيها ظهر يوم الخميس 21 سبتمبر 2000 وكان بعنوان “فيروس يلتهم قارة”.. وفي عـام 2006 تم تفريغي لأصبح موظفاً رسمياً بكامل الامتيازات (وحدث ذلك متأخراً لأنني كنت أعمل حتى ذلك التاريخ مديراً للشؤون الإعلامية في إمارة المدينة المنوّرة)”.
وقال: “الأستاذ تركي يؤمن بمبدأ تفريغ المواهب لقناعته بأنهم عـماد أي صحيفة ناجحة.. منح الصحفيين والكتّاب ليس فقط وظائف ورواتب رسمية، بل أيضاً أسهماً في مؤسسة اليمامة ضماناً لـبقائهم فيها.. لم أطلب منه يوماً علاوة في الراتب، لكنه كان يمنحني علاوات متقطعة كلما حضر مجلساً يشيد فيه الناس بزاوية حول العالم (حتى أصبحت قيمة مقالي اليومي في صحيفة الرياض، تساوي جميع مقالاتي خلال شهر في صحيفة المدينة)”.
وبيّن: “قبل أن يتراجع إقبال الناس على الصحف الورقية؛ عـاشت زاوية حول العالم فترة تألق تؤكّدها أعداد الزيارات والمشاهدات في موقع الرياض الإلكتروني.. خذ كمثال مقال (أين تستعيد محفظتك؟) الذي نُشر بتاريخ (17 مايو 2010) وحقق 688,234 زيارة و764 رداً من القرّاء”.
وقال: “وفي عام 2008 نظّم الموقع، بالتعاون مع وكالة الرياض للسياحة، جائزة للكتّاب الذين يتلقون أكثر عدد من الردود الشهرية، فنلت جميع التذاكر.. حتى وقت قريب كان الموقع ينشر قائمة بالمواد الأكثر مشاهدة وكانت زاوية حول العالم تحتل المركز الأول في أيام الأسبوع كافة (ما عدا الأيام التي يفوز فيها الهلال على النصر)”.
واختتم: “غير أنني بعـد 28 عاماً لم أتوقف فيها عن الكتابة اليومية (حتى في أثناء إجرائي عمليتين جراحيتين ووفاة ابنتي الصغيرة) قررت اليوم إحالة الزاوية إلى التقاعد.. وتفريغ الكاتب للتأليف؛ تراجع الصحف الورقية ليس السبب الوحيد، ولكن لضيق المساحة سأخبركم في المقال المقبل بـالمزيد.. وسيكون آخر مقال من زاوية حول العالم”.