بالمدحٌ والتحريض.. هكذا تفاعل أستراليون مع الهجوم على مسجديّ نيوزيلندا
لم يتوقف الهجوم الإرهابي، الذي استهدف مسجدين في نيوزيلندا عند بشاعة إطلاق النار على المصلين، بل انهالت في أعقاب ذلك تعليقات أسترالية «عنصرية»، كالت مدحًا في منفّذ الهجوم، وانهالت بالسخرية من المسلمين والتحريض نحو مزيدٍ من الجرائم والهجمات ضدهم.
فعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أظهرت تغريدات نشطاء أستراليين، مدى حجم الكراهية التي يحملونها للعرب والمسلمين، فقال أحد بعد وقتٍ قليل من «مجزرة المسجدين»: «أحسنتم يا فريق نيوزيلندا.. كان عليه أن يصرخ (ديركا ديركا ) وهو يقتل هؤلاء المهرجين».. وديركا تعني شخص من أصول شرق أوسطية.
وقال آخر: «يستحقون ميداليات الشرف»، في إشارة إلى منفذي مثل هذه الهجمات، بينما كتب ثالث: «نشر (المهاجم) الفيديو كي نضحك قليلًا».
ونفى أحد النشطاء ارتباط الواقعة بالإرهاب، قائلًا: «بسرعة شديدة أدعو أنه إرهاب أبيض، هو مجرد شخص مجنون»، فيما استخدم آخر سلاح العنصرية في تغريدة: «نقص عدد المسلمين قليلًا.. من يهتم»، وكال أحدهم سخرية من المسلمين: «أتمنى أن أشتري له البيرة (لنحتفل).. عمل رائع».
ووصل الأمر إلى حد إهانة العرب والسلمين على لسان أحد مستخدمي «تويتر» الذي قال: «حان الوقت للنهوض والتخلص من القمامة».
وتكشف هذه التعليقات العنصرية مدى الكراهية للعرب والمسلمين، وهي تنضم إلى أفكار منفذ الهجوم برينتون تارانت وهو أسترالي الجنسية، الذي امتلأ حسابه على «تويتر» بالكثير من الرسائل المعادية للمسلمين لا سيّما المهاجرين، وبلغ الأمر تلويحه بتنفيذ هجمات في نيوزيلندا، دون أن تتحرك سواء «الأخيرة» أو أستراليا.
ويعتبر تارانت (28 عامًا) من المعادين للمهاجرين، وعبّر على «تويتر» عن غضبه مما وصفهم بـ«الغزاة المسلمين الذين يحتلون الأراضي الأوروبية»، حسب زعمه، كما يؤمن هذا الإرهابي بتفوق العرق الأبيض، ويعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رمزًا للهوية البيضاء المتجددة، على الرغم من أنه لا يعتبره صانع سياسة أو زعيمًا.
وقال في تغريدة سابقة: «أنا رجل أبيض عادي من أسرة أسترالية من الطبقة العاملة ذات الدخل المتدني.. والدي من أصول أسكتلندية أيرلندية وإنجليزية.. كانت طفولتي عادية من دون مشكلات كبيرة.. ليس لديّ اهتمام كبير بالتعليم ولم ألتحق بالجامعة؛ لأنّه ليس لديّ أدنى اهتمام بالدارسة في الجامعات.. أنا رجل عادي قرر أن يتخذ موقفًا لضمان مستقبل شعبي».
وأضاف: «صدمة ما بعد أفعالي ستكون لها تداعياتها في السنوات المقبلة، وعلى الخطاب السياسي والاجتماعي، وستخلق جوًا من الخوف والتغيير، وهو المطلوب»، في تلويحٍ بأنّ هجومًا سيرتكبه ضد المسلمين.
وقبل يوم من ارتكابه المجزرة، نشر برينتون بيانًا (أكثر من 70 صفحة)، تحت عنوان «الاستبدال الكبير»، أعلن فيه نيته ارتكاب العمل الإرهابي وشرح فيه أسباب تنفيذه هذا الهجوم»، قائلًا: «أسعى إلى توجيه رسالة إلى الغزاة بأنّ أراضينا لن تكون أبدًا أرضهم، وأن وطننا لنا، وأنه طالما بقي رجل أبيض واحد على قيد الحياة، لن يغزوا أرضنا ولن يحلوا محل شعبنا»
وأضاف: «أسعى للانتقام من الغزاة، لموت مئات الآلاف بسبب الغزاة الأجانب في الأراضي الأوروبية عبر التاريخ».
وتسود مثل هذه الأفكار المتطرفة في أكثر من بلد غربي، وليس فقط في أستراليا أو نيوزيلندا، وهو ما قاد إلى تحذيرات من احتمالات قائمة بقوة بشن هجمات ضد المسلمين، وتحديدًا المهاجرين.
في هذا السياق، قال الأزهر الشريف في بيانٍ أصدره اليوم الجمعة، تنديدًا بهجوم مسجدي نيوزيلندا الإرهابي، إنّ الحادث يُشكِّل مؤشرًا خطيرًا على النتائج الوخيمة، التي قد تترتب على تصاعد خطاب الكراهية ومعاداة الأجانب، وانتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في العديد من بلدان أوروبا، حتى تلك التي كانت تعرف بالتعايش الراسخ بين سكانها.
وأكد الأزهر، أنّ «هذا الهجوم الإجرامي الذي انتهك حرمة بيوت الله وسفك الدماء المعصومة، يجب أن يكون جرس إنذار على ضرورة عدم التساهل مع التيارات والجماعات العنصرية، التي ترتكب مثل هذه الأعمال البغيضة».
وفي ألمانيا، وتحديدًا في مدن الشرق مثل كيمنتس ودريسدين وكوتن، يوجّه عناصر تابعة لليمين المتطرف العديد من رسائل التحريض على اللاجئين، باستخدام شعارات معادية للأجانب.
وأفادت تقارير أوروبية، بأنّ مدينة كيمنتس تشهد حضورًا قويًّا لليمين المتطرف، فيما تلعب الأخبار الزائفة دورًا رئيسيًا في إشعال العنف ضد المهاجرين المسلمين، وتنمية شعور عام بالكراهية ضدهم.
واستنكر بيانٌ صادرٌ عن جهات حقوقية دولية، بينها منظمتا إنقاذ الطفولة والعفو الدولية، التنامي الحاصل في السياسات الصارمة التي تفرضها الدول بحق المهاجرين، الذين باتوا القاعدة في العديد من الدول.
في الوقت نفسه، دعا البيان، الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان إلى تعزيز سبل الحماية المعنية بحقوق الإنسان للمهاجرين في خضم تنامي كراهية الأجانب التي تستهدف المهاجرين من جماعات عرقية ودينية محددة.
وقالت مونامي موليك من الائتلاف العالمي المعني بالمهاجرين: «في سياق تنامي كراهية الأجانب في الخطابات والسياسات، بات المهاجرون أكثر فأكثر كبش محرقة لعمليات انتقالية اقتصادية واجتماعية وسياسية عميقة في العديد من المجتمعات المستضيفة».