السعودية تعيد فتح الكعبة بعد إغلاق مؤقت .. والجدل بين رواد مواقع التواصل يتلاشى..
تفاعل رواد مواقع التواص
مالاجتماعي مع مقاطع مصورة أظهرت خلو ساحة المطاف بالحرم المكي مع بدء علميات تعقيم شاملة للحد من انتشار فيروس كورونا.
وكانت السلطات السعودية قررت الخميس إغلاق المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة، في غير أوقات الصلاة، بعد انتهاء صلاة العشاء بساعة وإعادة فتحهما قبل صلاة الفجر بساعة.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إخلاء الحرم المكي والمسجد النبوي من المعتمرين في هذا الوقت من السنة.
كما سيتم إغلاق ساحة المطاف حول الكعبة المشرفة، والمسعى بين الصفا والمروة طوال فترة تعليق العمرة، وستكون الصلاة داخل المسجد فقط.
كذلك قررت السلطات تعليق أداء العمرة ومنع المصلين من الاعتكاف داخل الحرم أو إدخال الأطعمة والمشروبات.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية واس، فإن هذا الإجراء يأتي في إطار الإجراءات الصحية الاحترازية، بعد انتشار فيروس كورونا.
وأعلنت وزارة الصحة السعودية تسجيل 3 حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا لمواطنين عائدين من إيران عبر الكويت، ليرتفع إجمالي عدد الحالات المؤكد إصابتها بالفيروس إلى 5 حالات.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع فيديو لعملية تعقيم الحرم بعد إخلائه من المصلين، ما حدا بالبعض إلى إطلاق وسم “#منظر_الحرم” الذي تصدر قائمة المواضيع المتداول في معظم الدول العربية.
وبدا الحرم خاليا تماما من الناس في مشهد لم يحدث منذ عقود.
وسادت حالة من الحزن والأسى في أوساط المعلقين العرب لرؤية ساحات المسجد فارغة لساعات واختلفت آراءهم إزاء القرارات الوقائية التي اتخذتها المملكة.
وفي الوقت الذي يؤيد فيه البعض الإغلاق الجزئي للحرم، يصر آخرون على إبقاءالمزارات الدينية مفتوحة بدعوى أنه “لا شيء يبرر وقف هذا الواجب الديني”.
في حين دعا فريق آخر إلى إغلاقه كليا كي لا تتعرض حياة المصلين للخطر، وذكروا بما حدث في إيران.
وأعادت التدابير السعودية الجديدة إلى الأذهان حوادث سابقة تسببت في إغلاق المسجد الحرام، إذ حدثت مرتين في العهدين الأموي والعباسي.
وتكررت في عام 1979، عندما اقتحم نحو 200 رجل يقودهم جهيمان العتيبي المنتمي لـ “الجماعة السلفية المحتسبة”، الحرم المكي وسيطروا عليه بقوة السلاح.
هل سيتأثر الاقتصاد؟
لكن هذه المرة يبدو مختلفا، إذ يصف كثيرون هذا القرار القاضي بفرض قيود على دخول الأماكن المقدسة وإلغاء العمرة مؤقتا بغير المسبوق.
ويؤدي حوالى 8 ملايين مسلم العمرة سنويا، ولا سيما قبيل الأشهر التي تسبق شهر رمضان.
لذا يتساءل كثيرون ما إذا كانت التدابير الجديدة ستطال موسم الحج، في حال استمر انتشار الفيروس.
ويخشى خبراء اقتصاديون من تكون لتلك الإجراءات الوقائية انعكاسات سلبية على اقتصاد المملكة التي تحصل سنويا على أرباح تراوح بين 20 و40 مليار ريال (أي ما بين 5 من 10 مليارات دولار أمريكي).
وفي أبريل/نيسان 2016، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن خطة إصلاح طموحة أطلق عليها “رؤية 2030” تشمل تطوير السياحة الدينية التي تدر مليارات الدولارات.
وتأمل المملكة استقبال ستة ملايين حاج و30 مليون معتمر بحلول 2030.
ومن المتوقع أن تتجاوز عائداتها 50 مليار ريال سنويا مع تحقيق أهداف الرؤية.
ويرى كثيرون أن هذه التدابير الاستثنائية التي اتخذتها المملكة فيما يتعلق بالأماكن المقدسة، كشف مدى قلق السلطات السعودية من انتشار الفيروس المحتمل في المملكة، مثلما حدث في مدينة “قم” الإيرانية.
من مكة إلى قم
ومع ظهور فيروس كورونا وانتشاره في أكثر من 80 دولة اتخذت دول أخرى في الشرق الأوسط تدابير تتعلق بممارسة الشعائر الدينية، فما أبرز تلك الإجراءات؟
في إيران، أثار الفيروس المستجد جدلا كبيرا بين رجال الدين والحكومة حول الإجراءات الواجب اتباعها للحد من تفشي الوباء في الجمهورية الإسلامية.
وسجلت إيران أكبر عدد من الوفيات خارج الصين إضافة إلى تزايد حالات الإصابة باستمرار.
وبحسب أحدث إحصائية أعلنتها وزارة الصحة الإيرانية، توفي نحو 124 شخصا، بينما بلغت الإصابات المؤكدة أكثر من 3 آلاف شخص.
لكن المعارضة تقول إن الأعداد أعلى من ذلك بكثير.
وقد حث مساعد وزير الصحة الايراني، ظفر ميرزا، المواطنين إلى تجاهل ما سماها بـ”الشائعات ومحاولات التضليل” مؤكدا على قدرة الحكومة على إحتواء المرض ومنع تفشيه.
ولا تزال المزارات الدينية مفتوحة في مدينة قم، التي يعتقد أنها مركز تفشي الفيروس في البلاد، حيث يزور ملايين الحجاج الشيعة ضريح فاطمة ابنة موسى الكاظم، وهو الإمام السابع عند الشيعة الإثنا عشرية.
ونصحت السلطات المواطنين بتجنب التجمعات غير الضرورية، كما طلبت منهم عدم السفر إلى قم، ولكنها لم تغلق العتبات والأضرحة في المدينة.
ويعزو نشطاء ومغردون عدم إغلاق تلك الأماكن إلى ضعف الجهات الصحية أمام نفوذ رجال الدين الذين يشرفون مباشرة على تلك العتبات والذين يعينهم المرشد الأعلى، علي خامنئي.
ويرجعها آخرون إلى أسباب أخرى تتعلق بركائز الحكم الديني في إيران إذ تعد تلك الأماكن أداة الترويج لخطاب نظام الحكم للمسلمين الشيعة عبر العالم.
“مزارات تكاد تكون خالية”
وفي العراق، أعلن الوقف الشيعي عدم إقامة صلاة الجمعة لهذا الأسبوع في مدينة كربلاء، بينما حظرت السلطات في مدينة النجف دخول الزوار الأجانب للمراقد والعتبات المقدسة، خاصة الحجاج الإيرانيين.
ويتوقع أن يتسبب فيروس كورونا في شل القطاع السياحي الذي يزداد سوءا بسبب الاضطرابات السياسية في العراق.
يصف الصحفي العراقي، قاسم الكعبي، الوضع في مدينة النجف بـ “المأساوي”.
ويضيف في حديثه مع مدونة ترند “مع انتشار فيروس كورونا، شلت الحركة السياحية التي كانت تترنح بالفعل تحت وطأة الاحتجاجات المناهضة للحكومة”.
ولأول مرة منذ عام 2003، تخلو المزارات الدينية في النجف وكربلاء من العرب والأجانب بينما تجنب العراقيون التجمعات في تلك المدن واكتفوا بشراء مستلزماتهم الأساسية والعودة إلى منازلهم.
وترتكز السياحية الدينية في المدينتين على الزوار الإيرانيين الذين يشكلون 80% من إجمالي السياح.
ويتابع قاسم في حديثه معنا” خلت مدينة النجف تقريبا من الزوار، كما لوحظ غياب الزوار الكويتيين الذين اعتادوا زيارة المراقد في مثل هذه الفترة من السنة”.
وتسببت أول إصابة بفيروس كورونا في العراق في خسارة كبيرة لأصحاب الفنادق التي يتجاوز عددها 360 في النجف وفي مدينة كربلاء حوالي 500 فندق.
ويقول قاسم :”حاليا تعمل هذه الفنادق بنسبة 20% فيما أغلقت 80% منها في النجف وكربلاء وتم تسريح المئات من عامليها”.
وبحسب وكالة رويترز فإن أكثر من10 ملايين شخص كانوا يصلون سنويا إلى النجف وحدها، نصفهم من الإيرانيين، وكان يتم حجز الفنادق عادة في هذا الوقت من العام الذي يتزامن مع عطلات مدرسية في بعض دول الخليج.
وتواجه صناعة السياحة القائمة على زيارة العتبات المقدسة صعوبات منذ سنوات بسبب الأزمة الاقتصادية في إيران التي انهارت عملتها عام 2018 بسبب العقوبات الأمريكية.
المصدر بي بي سي