وسائل التواصل أضحت ساحة حرب بين “داعش”وخصومها
والشيلة هي قصيدة عامية مُغناة، كانت تثير حماسة الارهابيين، غير أنها تحولت في ما بعد إلى مساجلة بين منشدي الجماعة الارهابية وتجمعات شبابية رافضة للفكر التكفيري.
وأفاد موقع “ايلاف” الاثنين، ان «الشيلة» تتحدث عن استنهاض المقاتلين الذين يعصبون رؤوسهم بقطعة قماشية في الغالب تحمل اللون الأسود، وهي على شكل عمامة صغيرة مستوحاة من الزي الأفغاني. وانتقلت عبر المقاتلين المشاركين في الحروب الدائرة في أفغانستان والشيشان، وتحولت إلى زي عسكري خاص بهذه التنظيمات، ووفق القصائد التي تصفها ويتغنى بها المقاتلون.
وجوبهت «الشيلة» بردود كثيرة من شبان صوروا أنفسهم ونشروا مشاهد الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتظهر تلك المشاهد رفضاً لفكر «داعش» الذي يحاول جذب المزيد من الشبان المقاتلين إلى صفوفه، من خلال التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل «تويتر» و«فايسبوك» و«يوتيوب».
كما سجل شبان ينتمون إلى قبائل سعودية عدة رفضهم لهذه القصيدة، ونشروا مقاطع في موقع «يوتيوب»، ومن بينهم شبان قبيلة حرب، وآخرون ينتمون إلى العقالية من مطير وشبان شمر، وغيرهم ممن حولوا «الشيلة» إلى ساحة ردود لا تتوقف، وتتناقل عبر الهواتف النقالة ليحولها بعضهم إلى نغمات رنين.
وأكد شبان شاركوا في تصوير «الشيلات» المضادة لقصيدة «داعش»، أنهم يجابهون التنظيمات الإرهابية بأسلحتها التقنية ذاتها. وأشعلت هذه «الشيلة» ردود فعل واسعة بين الشبان السعوديين الذين عبر كثير منهم من خلال التعليقات على المقاطع، عن رفضه «الإغراءات الكاذبة لهذه المجموعات»، مؤكدين أن «الردود عليها أقوى بكثير من «شيلة داعش»، التي لم تنجح في إثبات وجودها، أمام العصف القوي الذي لاقاها».
واجتمعت الردود على الوزن والقافية والموسيقى ذاتها. ويبدأ الرد بإنشاد صاحب «الشيلة» في وسط مجموعة من الشبان، الذين يتولون دور «الكورس» برد بيت واحد فقط يتكرر طوال سرد القصيدة، وتظهر بعض ردود الشبان مناهضي أفكار «داعش» سرعة البديهة، وتحولت إلى مقاطع فيديو متداولة في هواتف الشباب.
واعتبر الشاب سمير منصور، هذه القصائد «رداً على من يتهم الشاب السعودي بالميل الى التنظيمات الإرهابية»، مستدركاً: لا يمكن إنكار أن هناك مجموعة من الشبان المتعاطفين مع الجماعات الارهابية، ولكنهم «مغرر بهم وتحولوا مقاتلين مغسولي الأدمغة، وهم لا يمثلون الشريحة الأكبر من الشبان السعوديين».
ولم تقتصر الردود على «شبان الاستراحات أو البر» كما يحلو لبعضهم تسميتهم، بل تعدت لتصل إلى شعراء معروفين وأئمة مساجد من بينهم الشيخ سراج الزهراني، وهو إمام وخطيب مسجد الأميرة الجوهرة بنت سعود الكبير في الرياض، الذي تطرق في قصيدته إلى الأحكام المخالفة للإسلام التي يقيمها التنظيم على المسلمين في سوريا والعراق، واستعار اللازمة التي يقوم الشباب بترديدها، وهي اللازمة ذاتها التي يرددها منشدو التنظيم في قصيدتهم الأصلية، ما دفع متابعين ومغردين إلى المطالبة بوجوب تغييرها، «حتى لا تتوافق مع شيلة «داعش».
وظهرت مطالبات بإعادة تسجيل وتوزيع هذه الردود، ونشرها عبر وسائل الإعلام، لما تحمله من «مضامين مؤثرة في نفوس الشبان، وكي لا تتحول هذه القصائد ثورة وسرعان ما تغدو من الذكرى»، وفق قول فهد اليامي، موضحاً أن «كل ظاهرة تخرج تبقى متوهجة حتى يصيبها الملل فتختفي، ونشاط الشباب الآن المتوجه للرد المباشر على التنظيمات الإرهابية بالوسائل الحديثة المتاحة يحتاج إلى مساندة من وزارة الإعلام». وقال: لم يعد الشباب ينتظرون رجال الدين أو غيرهم ليوجهوهم، أو يقولوا لهم افعلوا أو لا تفعلوا، بل أصبحت المبادرة في أيديهم، وشعرت بفرح كبير عندما رأيت شباناً يرفضون دعوة ما يسمى بـ «الجهاد المزيف».
وحرص تنظيم «داعش» على استهداف الشباب السعودي واستقطابه إلى مناطق التوتر والقتال التي يسيطر عليها، وذلك لاعتقاده، وفق متابعين، أن «الشاب السعودي سيكون مفتاحاً لاستقطاب شباب آخرين من دول عربية أخرى، فإلى جانب مخاطبة الشباب عبر العزف على وتر الرغبة في تكفير الذنوب والذهاب بالطريق الأسرع والمختصر الى الجنة، والاجتماع بالحور العين، لذا يكون أقصر الطرق للتوبة والحصول على كل هذه المغريات الجهاد فقط».
وعلى رغم دعوة التنظيم إلى إقامة “دولة إسلامية مزعومة” ترجع الحياة الى الصدر الاسلامي الاول في لباسها وسلوكها وطريقة عيشها، إلا أن شبكة الإنترنت، والإعلام مستثنيتان من الإبادة، بل ويعدان وسيلة ناجحة للوصول الى الشباب وبأقصر جهد، وكان لغزوات «تويتر» و«فايسبوك» ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، أثر وحراك ملحوظ ومؤثر.
وجدت جماعة “داعش” الارهابية نفسها عالقة أمام حملات رفض من شبان على شبكة الإنترنت، الذين بدأوا حرباً إلكترونية غير مباشرة مع التنظيم. وبات تناقل صور ومشاهد الإعدام والإبادة التي ينشط تنظيم «داعش» في تصويرها ونشرها لبث الرعب والخوف لدى الناس، وسيلة لتأليب الرأي العام ضد هذا التنظيم، وعلى ما يبدو وجد «داعش» نفسه في مأزق أمام الحملات الشبابية المتواصلة ضده.