معارضة في حديث الأرواح
بقلم/ عبد الرحيم عبد الله
لسان حالي يعبر عن مقالي ليخبر عن سيدة وقور تجسدت على صورة طفلة بريئة أخجل من النظر إلى وجهها فقد كان يعلوه شيء من الهيبة والوقار وبراءة الأطفال شيء يعجز عن وصفه الخيال فقد كنت أرشف الشاي الذي أعدته لي واختلس النظر لأرى ما تخبئ تلك التقاسيم والملامح البريئة فوجدت أنها تخبئ أشياء وأشياء، لا تريد أن يشاركها أحد في همومها لا تحب الضعف واليأس وتكابر على حساب صحتها من أجل راحة غيرها فقد غمرتني بفيض من حنانها وعاطفتها، فهذا ماجعلني أطيل الحديث معها فهي تشعرني بأريحية في الحوار رغم كبر حجم المسئولية الملقاة على عاتقها، فحديث تلك السيدة عذب ذو شجون ولا يمل لدرجة أنني أحسست أنني أثقلت عليها، فهي لا تبدي أي إستياء بل تنصت إلى حديثي وتعيره جل إهتمامها لدرجة أنها تجعل كل من حولها يشعر أن تلك السيدة مسخرة لخدمته، لكنها عندما تغضب يخالجني شيء من الخوف والرهبة لعظمتها وكأنها تشير إلى القول (اتقي شر الحليم إذا غضب) ولكنها في الحقيقة اشبه بنسمة بارده في صحراء شمسها حارقة تلك هي وربي قمة الكبرياء والعظمة وتلك هي سيدتي، أبعدني عنها طول المسافات و فصلتني عنها آلاف الكيلو مترات لكني مازلت أسمع حديثها أرى وجهها يعبر مخيلتي أحس أنفاسها وأشتم رائحتها وأسمع ضحكاتها وهمساتها في اذني وتأتيني في نومي ولا يفارق طيفها وخيالها ذاكرتي أسمعها وهي تتحدث إلي فأفهم ماتقول ، هي مازالت بعيدة عني لكن تلك هي روحها من تكلمني ذلك هو حديث الروح للروح وحديث القلب للقلب وهذا مالا يستطيع تصوره عقلي الباطني فهو اشبه بالأحلام أنني أشعر بما يحدث ويجري لها وكأنها ماتزال بجانبي أعرف أنه شعور غريب لا يحدث إلا مع المحب لحبيبه ليصبحا كتوأم روح في جسد واحد، أقسم أنها ليست ترهات أو خيال فقد جائتني روحها الطيبة في المنام على هيئة طائر مكسو بريش أبيض وكأنها ترتدي بردة بيضاء قد خيطت من حرير، وهي تهتف باسمي بصوت ملائكي مؤثر…عبد الرحيم عبدالرحيم وكأنها تريد أن تخبرني بشئ ما يجول بخاطرها وفجأة انقطع ذلك الحلم وتمنيت أنني لم أصحو منه تمنيت أن أعرف ما الامر الذي ستبوح به، ولكن للأسف تركتني حائراً اضرب أخماساً بأسداس لأذوق مرارة انتظارها لعلها تأتيني مرة أخرى وتفشي لي ما كان من أمرها، أتت تلك الرؤيا كفلق الصبح وكأنها سمعت وقع حديثنا ليلة البارحة مؤكدة صدق أحاسيسنا لتقول هما توأم روح في جسد واحد…هما توأم روح في جسد
اه اه لقد جعلتيني تائهاً في بحر من الأحزان وأنا أرتقب عودتك تركتيني وحدي أصارع ذكريات الماضي غارقاً في بحر الهموم مأسوراً بين أحداث لا أحب أن أتذكرها بل هي من تفرض وجودها علي وتكاد تخنقني وتزيد من وحدتي، اذهبي أيتها الذكريات عني فلم يبق من العمر شيء لا تأسريني وتبعدي عني من أحبهم دعيني أستمتع بهدوء الليل وانظر الى وجه سيدتي دعيني استرق بعض اللحظات الجميلة لا تبعثري أفكاري وتنثريها وتجعليني تائهاً بين الذكريات الحزينة وتارة أخرى تعيدني إلى دوامة الحب اطوي لي تلك المسافات البعيدة التي تفصلني عن سيدتي وقولي هما حبيبان للأبد أعيذك ربي بهما من العين والحسد.
mr_raheem85@hotmail.com
شعر / محمد الفايز
حين استوى للنفس آنٌ تستكيـن ورحتُ امضي في دروبِ الغــائبين
جـادت الذِكرى عَلَيَّ بذِكرِهـا مـا أجملَ الذِكرى وما أقسى الحنِين
نَـظَرتْ، فأبى اللسانُ تَكَلُّمــاً وأبَت فيهـــــا القريحةُ تَعْتَرِين
نَـظَرَتْ، وإنّي أرى في عينهــا ما يَفْتَدِي شَكّــي وما يعني اليقين
نَـظَرَتْ، ويكفي أنها نَــظرَت لِأرى لها نَــظرةً تحكــي السنين
حينــاً أراها مَنْهلاً لبرائــتي حيناً أراني مُخْضِعاً عنهـــا الجبين
مَلأى بحُبٍ فوقَ أوصـافِ العقول مَلأى حناناً هَيَّجَ الشــوق الدَفين
فَصُمْتُ عن شوقي ودمعي لم يَصُم وخُضْتُ في نومي على وقْعٍ حزيـن
لكنّها ليست خيالاً ينتهــــي إنمــــــا روحٌ تُراوِدُني الأنين
زارت منامي كأجمـــلِ ما أرى طـــائرُ الفردوس كُحلُ الناظرين
غرّاءُ تُعطي للمكــــانِ جَمالهُ بيضــاءُ يبدو لونهــا نورٌ مُبِين
شفقٌ من الضوء يكسو عرشهــا وفوقهُ جِذْعٌ كفَخّـــــارٍ ثمين
ريشٌ كما الديباج حِيــكَ مسرةً عنقٌ من الأصداف مصقــولٌ بِلِين
كــانت تُناديني وسَمعي غافـلٌ عن قولِها في صوتِها الهادي الشَجِين
فَــدَنَتْ مِنّي لأُدرِكَ قولَهــا أغْلَقْتُ عيني حينهــا كي أسْتَبِين
صَمَتَتْ، وفَتَحْتُ عيني بعدهــا وانقضى حُلمي بصمتِ العاشقيـن
وعُدت من نَومِيِ كمَنْ حيزت له
قَدْ فهمتُ مــرادَهَا في صَمْتِهـا نِعَمُ السمــاء وسُلطاــَنٌ ودِين
وفهمت مغزى كلام الصـــامتين
قالت بصمتٍ سوف نبقى عاشقين توأمـا روحٍ بجسمٍ ســــاكنين