اخر الاخبارمقالات

القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية ..يودع جدة بالدموع ..

عندما وصلت جدة للمرة الأولى عام 2002 لم تكن السعودية هي البلد نفسه الذي نعمل ونعيش فيه اليوم.. كانت جدة المكان الذي خدمت فيه كدبلوماسي للمرة الأولى.. وكان من الطبيعي أن أشعر بالغربة الشديدة عن وطني في البداية.. واجهت صعوبة وأنا أتعلم عن تاريخ السعودية وعاداتها واللغة العربية.. ولكن سرعان ما رحبت بي جدة وأهلها في قلوبهم وبيوتهم بدفء ولطف.. وأصبح كل ما كان غريبًا في البداية مألوفًا ومرحبًا به، ووقعت في حب هذه المدينة.. أحببت الصحراء والجبال والبحر.. وأحببت العمارة والفن وتناول المطبق على الإفطار وزيارة البيك في آخر الليل وتذوق وصفات السمبوسة مع الأسر في رمضان.. وهكذا غادرت عام 2004 بحزن متسائلاً إن كان للرجوع من سبيل. كان شرفًا لي أن أعود إلى جدة عام 2018 بعد اختياري للعمل كقنصل عام، حيث انضممت إلى طاقم موهوب ومتفانٍ في سبيل تعزيز العلاقات الهامة بين الولايات المتحدة والسعودية وتوسيعها.. وأشعر بالفخر وأنا على أبواب إنهاء سنوات خدمتي الثلاث كقنصل عام للولايات المتحدة في جدة لمساهمتي في قيادة الشراكة بين بلدينا وشعبينا والتوسع فيها. بدأت شراكتنا قبل أكثر من 75 عامًا بين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت، ونمت الآن لتشمل أعدادًا لا حصر لها من الأمريكيين والسعوديين ولتمتد إلى ما هو أوسع بكثير من العلاقات الرسمية بين حكومتينا.. فعشرات الآلاف من الأمريكيين يقيمون في السعودية كوطن لهم.. كما وأقامت العشرات من الشركات الأمريكية شراكات مع قطاع الأعمال السعودي للإسهام في ازدهار البلدين.. ويتوجه أكثر من 30,000 طالب سعودي للدراسة في الولايات المتحدة كل عام في حين يقوم أساتذة جامعات أمريكيين بالتدريس في أفضل الجامعات السعودية. كان من حسن الطالع أنني وبحكم طبيعة عملي تنقلت في أرجاء المنطقة الغربية من المدينة إلى تبوك ومن أبها إلى ينبع.. ولطالما أذهلني ذاك التباين الجميل للشعب السعودي بتقاليدهم ولهجاتهم المحلية وطعامهم والذي يبرز تفرد الثقافة السعودية.. وأشعر بالامتنان العميق لحسن ضيافة الشعب السعودي وروح الاستقبال الدافئة لديهم.. فلقد تركت هذه الزيارات الكثير من الذكريات الجميلة التي سأحملها ما حييت. أتاحت لي هذه الزيارات كذلك رؤية التغيرات المذهلة في المملكة والأثر الذي تركته رؤية 2030 على الاقتصاد والمجتمع.. وأنا وزملائي في القنصلية وفي البعثة الأمريكية لدى المملكة ملتزمون بالعمل مع المملكة العربية السعودية للمضي قدمًا في تحقيق أهداف هذه الرؤية.. وتحظى كبريات الشركات والمؤسسات الأمريكية بموقع فريد للعمل كشركاء في تطوير قطاعات البنية التحتية والنقل والأفلام والتلفزة والتعليم والسياحة والخدمات الرقمية وغيرها الكثير.. كما وتقدم الجامعات الأمريكية تدريبًا وتعليمًا عالي الجودة للطلاب السعوديين والذين يساهمون لدى عودتهم في بناء الاقتصاد وتنويعه.

قمت وفريق العمل بإطلاق سلسلة من المبادرات خلال السنوات الثلاث الماضية لتعزيز هذه الصلات بما ينفع البلدين.. وكلي ثقة أن هذه الجهود الهامة مع الشركاء السعوديين ستستمر في إعطاء نتائج إيجابية وتعزيز العلاقات لسنوات طويلة بعد مغادرتي. بينما أستعد وعائلتي لمغادرة السعودية للمرة الثانية أشعر بالفخر لعملي مع فريق موهوب في القنصلية.. كما وأود أن أعبر عن عميق مشاعر التقدير لدفء الضيافة والترحيب الذي تلقيته من جميع السعوديين الذين قاموا باستضافتي في كل مكان سافرت اليه.. وقد أظهرنا ونحن نعمل سوية أن الأهداف المشتركة والتواصل وتبادل الآراء والناس يجعلنا قادرين على مد جسور دائمة بين بلدينا. أدرك أنني سأترك جزءًا مني على شواطئ البحر الأحمر، ولكني سآخذ معي قلبًا مليئًا بالصداقات والذكريات وأصدق الأمنيات بأننا سنلتقي قريبًا.شكرًا جدة وشكرًا للمملكة العربية السعودية.. على أمل اللقاء ثانية.* القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية بجدة

راين كليها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى