“موسكو 2042”.. رواية عمرها 35 عاما تنبأت بما فعله بوتين
سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الضوء على أوجه التشابه بين رواية ساخرة للكاتب الروسي فلاديمير فوينوفيتش، نشرت عام 1986، قرب نهاية الاتحاد السوفيتي، عن زعيم يحكم روسيا في 2042، وبين الرئيس الحالي فلاديمير بوتين.
وفي ذلك العام، حاول فوينوفيتش، في روايته “موسكو 2042″، أن يتخيل مستقبل وطنه، من خلال رجل بائس يقوم برحلة إلى القرن التالي.
في الرواية، يتنبأ الراوي، برئيس دولة ارتقى في صفوف الكي جي بي (المخابرات الروسية)، واستخدم الحرب لتعزيز سلطته، ورفع زملاءه الأمنيين السابقين إلى مناصب ذات نفوذ، وادعى أنه يستمد السلطة من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.. وحكم روسيا لعقود.
بطل الرواية، كاتب مستقل يُدعى فيتالي نيكيتيش كارتسيف، استقل رحلة فضائية عام 1982، ليهبط في المستقبل وبالتحديد في عام 2042، ليكتشف روسيا القرن الحادي والعشرين.
وبغض النظر عن تعرض البطل للقليل من التكنولوجيا المستقبلية، وعن أن الاتحاد السوفيتي كان لا يزال قائما ويبدو قويا في ذلك العام في الرواية، فإنه كان لديه بصيرة ملحوظة فيما يتعلق بشخصية الحاكم التي عرفها باسم “غينياليسيمو” الذي يحمل رتبة جنرال عسكري، يتميز بأنه يقف بعيدا عن الجميع، ويمتطي صهوة حصان وهو عاري القميص، وهي أفعال تتشابه بشكل ملفت مع تصرفات الرئيس الحالي، فلاديمير بوتين، بالنظر إلى رواية كتبت عام 1986.
يتفاجأ كارتسيف عندما يكتشف أن روسيا المستقبلية يحكمها الجد غينياليسيمو وحشده من البيروقراطيين البائسين.
كان بوتين يبلغ من العمر 47 عاما فقط عندما تولى الرئاسة لأول مرة. لكن في عام 2021، دفع بتغيير دستوري يسمح له بشغل المنصب حتى عام 2036، وهو العام الذي سيبلغ فيه 84 عامًا.
العمر المتقدم ليس الشيء الوحيد الذي يشترك فيه غينياليسيمو مع بوتين. فبصفته ضابطا كبيرا سابقا في “كي جي بي”، الوكالة الأمنية الرئيسية للاتحاد السوفيتي، ملأ غينياليسيمو، حكومته بأصدقائه من أجهزة المخابرات، حيث أنشأوا معا الحزب الشيوعي لأمن الدولة، وهو عبارة عن مزيج متشابك من المشرعين والشرطة السرية الذين يترأسون “مجتمع شيوعي لا طبقي وغير نظامي”.
وكان بوتين، أيضا، ضابطا تدرج في المخابرات السوفيتية “كي جي بي”.
وفي 2018، عثر على بطاقة هوية تجسس بوتين الخاصة بأمن الدولة في ألمانيا الشرقية (شتازي)، التي استخدمها عندما كان يعمل لصالح الاتحاد السوفيتي، محفوظة في أرشيف الشرطة السرية الألمانية في دريسدن.
ومثل غينياليسيمو، لجأ بوتين إلى تعيين زملاء أمنيين سابقين له في مناصب عليا، ومن بين هؤلاء إيغور سيتشين، الرئيس التنفيذي لشركة النفط العملاقة “روسنفت”، الذي يسيطر على وكالة الأمن الاتحادي الروسية “إف.إس.بي”، الوكالة الرئيسية التي حلت محل “كيه جي بي” السوفيتية السابقة.
وكذلك سيرغي إيفانوف، الذي شغل منصب رئيس أركان الكرملين حتى عام 2016؛ ونيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن الروسي، الذي يرأسه بوتين أيضا.
وتوقع المؤلف فوينوفيتش أن الكنيسة ستتمتع بعودة قوية في روسيا المستقبلية، بعد القمع في الحقبة الشيوعية السابقة، وتتدخل في مسائل مثل الزواج.
قد لا يعتبر بوتين نفسه رئيسا للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، لكنه استخدم الدين لإحكام قبضته على السلطة، وعارض المثلية الجنسية.
ومثل غينياليسيمو في الرواية، قام بوتين بإنجاز بعض الاستثمارات الضخمة.
وتصور الرواية، موسكو، على أنها المدينة المزدهرة الوحيدة المتبقية في الاتحاد السوفياتي، أما بقية المدن ففقيرة ومحاطة بأسوار.
وكشف تحقيق الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، المسمى بـ “أوراق باندورا”، في أكتوبر الماضي، أن بوتين، الذي أدان علنا الأثرياء ورجال الصناعة الفاسدين، تم ربطه عبر شركات وهمية بشراء العقارات الفاخرة في موناكو