زفة الشريفة”.. احتفال “صادم” بعذرية فتاة مصرية يثير غضب نشطاء حقوق المرأة
أثارت واقعة فيديو” زفة الشريفة العفيفة” الكثير من الجدل والاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وذلك بعد أن ظهرت فتاة قاصر في إحدى قرى مرفوعة على الأكتاف وقد أحاط بها المئات من الرجال والنساء وهم يهللون مع إطلاق العديد من السيارات لأصوات أبواقها.
وبحسب مواقع إخبارية محلية، فقدم أقدم زوج على تطليق زوجته ليلة الزفاف، زاعما أنها ليست عذراء، مما دفع والد الفتاة أن يطلب إجراء فحص عذرية لابنته كي يُخرس ألسنة كل من كل من يشكك في “شرف ابنته”.
وما أن ظهرت النتيجة لتؤكد عذرية ابنته وأن غشاء بكارتها سليم تمامًا، حتى انتشرت صورة ضوئية من التقرير الطبي، ومعها فيديو لفتاة يحملها والدها ويطوف بها في أرجاء قريته في احتفال أشبه بمظاهر، إذ تقدم المسيرة رجل يحمل ميكرفونا، ويصيح “الشريفة العفيفة رجعت”، وعبارات أخرى تحتفى بالفتاة وتتباهى بنتيجة التقرير.
وأشارت التقارير الصحفية إلى أن تلك “الزفة” قد حدثت يوم الأحد في قرية المسلمية التابعة لنطاق ودائرة صان الحجر القبلية في محافظة الشرقية، حيث انتشر فيديو “زفة الشريفة العفيفة” بشكل كبير على مواقع التواصل وظهر خلاله فتاة يبلغ عمرها 16 عاما يحملها أحد الأشخاص وهي تلوح بقطع قماش بيضاء كدليل على أنها لا تزال بكرا.
“أغرب فيديو”
وقال أحد المغردين على موقع تويتر أن مثل هذه الأمور تحدث فقط في مصر، مضيفا: “فتاة تزوجت الخميس وطُلقت الجمعة بدعوى العذرية والطب الشرعي يثبت بكريتها، واصفا الفيديو بأنه صادم.
وعلق آخر بقوله: ” لا حول ولا قوة إلا بالله اتجوزت الخميس واطلقت الجمعة بإحدى قري الشرقية ، العريس وأهله قالوا إنها غير عذراء علشان تخرج من البيت بدون أي حقوق .. وأهالي القرية استقبلوها بزفة.. بعد إثبات الطب الشرعي أنها عذراء”.
وقال آخر مستهجنا: “هذا اغرب فيديو شاهدته.. فالفتاة لم تفز ببطولة ولا حصلت على شهادة في الدكتوراة.. لقد كشف الطب الشرعي عليها لإثبات عذريتها”.
من جهتها قالت فتاة تدعى، بشرى سعد ماضي، على حسابها في موقع فيسبوك بعدما وصفت تفاصيل الفيديو وفرحة ووالدها وهو يصرخ”العفيفة رجعت”: “آه يا بلد!.. يا ترى لو كان زوجها وأهله.. أهل دين كان صار كده؟”.
هتك عرض”.. و “اتجار بالبشر”
في معرض تعليقه على الواقعة أكد الناشط والمحامي المصري، هاني سامح، أنه سوف يتقدم ببلاغ إلى النائب العام، مضيفا: “ما حصل يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون ويمكن توصيفها بأنها جريمة هتك عرض قاصر بالتراضي لأنه لا يؤخذ بموافقة الفتاة التي تبلغ السن القانونية على عقد قرانها.
وأضاف سامح في حديثه إلى موقع “الحرة” أن “العقوبة المتوقعة في حال إحالة القضية إلى محكمة الجنايات 15 عاما للزوج كحد أقصى بينما قد تصل عقوبة والد الفتاة إلى ثلاث سنوات”.
وأكد سامح أن ما سمي “بزفة العفة” يعتبر تعديا على حقوق المرأة سواء كانت طفلة أو بالغة، موضحا: “هذه الواقعة تؤكد أن الكثير من أوساط المجتمع لا تزال تعيش على قيم متخلفة تحصر شرف المرأة في عضوها التناسلي، بينما الشرف الحقيقي هو في العلم والأخلاق والعمل وأن يكون المرء انسانا فعالا في مجتمعه بطريقة إيجابية تنعكس على تطوره الشخصي والفردي”.
وفي المقابل ترى نهاد أبو القصمان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة وهو منظمة أهلية غير ربحية، أن ما حدث خلال ما يسمى بـ”زفة العفة” يمكن توصيفه على أنه نوع من “الاتجار بالبشر”, مضيفة “بالحس القانوني يعتبر هذا الجريمة ولكن لا توجد نصوص قانونية واضحة تجرم هذا الفعل رغم توقيع مصر على مواثيق دولية بشأن مكافحة الإتجار بالبشر”.
وفيما إذا كان بالإمكان معاقبة الأب والعريس بسبب تورطهما بمسألة “زواج قاصر”، أوضحت أبو القمصان في حديثها إلى موقع الحرة: “قوانين الطفل والأسرة تمنع توثيق زواج الفتاة القاصر إلى أن تبلغ سن الثامنة عشرة، وبالتالي لا يوجد أي عقوبة على كل من الأب والزوج لاقترافهما هذه الجريمة بحق تلك الطفلة وسوف يكون ما حدث زواجا عرفيا مسجلا لدى المأذون”.
ونوهت إلى أن محاولة توصيف ما حدث على أنه “انتهاك عرض قاصر” سوف يتناقض مع القوانين التي تمنح الولاية للأب بشأن تزويجها.
وشددت على ضرورة جسر هذه “الفجوة القانونية من خلال تعديل القوانين بما يضمن حماية الفتيات الصغيرات وضمان حقوقهن”.
وفي سياق متصل، نوه سامح إلى “ضرورة محاربة هذه العادات والتقاليد البالية بالعمل على نشر الوعي في المجتمع وتعريف الفتيات والنساء بحقوقهن التي ضمنها لهن الدستور والقوانين المرعية”.
وطالب المحامي بحماية تلك “الطفلة”، متوقعا حدوث جلسة صلح عرفية قد تنتهي بعودة الفتاة إلى زوجها، وبالتالي الاستمرار في انتهاك حقوقها وإنسانيتها، على حد تعبيره.
أما أبو القمصان فاعتبرت ما وقع شيء يدعو إلى الاشمئزاز والغضب، قائلة: “ما حدث في تلك (الزفة) يظهر وكأننا نعيش في سوق نخاسة حيث تصبح الفتاة أو المرأة مجرد سلعة معروضة للبيع بعد التأكد من (سلامة البضاعة)”.
وتتفق الناشطة الحقوقية مع المحامي سامح على ضرورة نشر الوعي بين طبقات المجتمع لاسيما الفقيرة، والتي تعاني نسب جهل وأمية كبيرة، وذلك بالتزامن مع إقرار القوانين التي تجرم الزواج المبكر وتحمي الفتيات الصغيرات من التسلط الذكوري لآبائهن وأولياء أمورهن.