اخر الاخبارالعالم

كيف قتلت إسرائيل أبناء وأحفاد رئيس حركة حماس إسماعيل هنية؟

اعتاد الفلسطينيون في قطاع غزة على التزاور والتراحم فيما بينهم في اليوم الأول من أيام عيد الفطر، ومن بينهم عائلة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الموجود خارج القطاع.

وكان ثلاثة من أبناء هنيّة – الموجودين في غزة – وهم حازم وأمير ومحمد برفقة أطفالهم الصغار، يهمون بالتوجه لزيارة أقرباء لهم في مخيم الشاطئ للاجئين غربي غزة، إذ أن عدداً كبيراً من أفراد تلك العائلة لم يغادر القطاع، وقبيل وصولهم بلحظات، وبينما كانوا يسيرون في الشارع مستقلين سيارة مدنية، باغتتهم طائرة إسرائيلية بعدة صواريخ، ما أدى لتدمير مركبتهم وتطاير أجسادهم ومقتلهم جميعاً.

كيف استقبل هنية خبر مقتل أفراد عائلته؟

ظهر إسماعيل هنية، في شريط فيديو، أثناء تلقيه اتصالاً من غزة بينما كان يقوم بجولة في أحد مشافي العاصمة القطرية، الدوحة، لزيارة جرحى وصلوا من غزة لتلقي العلاج، وكان صوت المتصل مسموعاً، ويوحي صوته بعلامات الانهيار من شدة البكاء وهو يخبر هنية، لكن الأخير بدا متماسكاً وأكمل جولته وهو يقول “الله يسهل عليهم، الله يسهل عليهم”.

وتحدث بعدها في تصريح صحافي قائلاً إن “دماء أبنائه وأحفاده الشهداء ليست أغلى من دماء أبناء الشعب الفلسطيني”، وإنه “يشكر الله على هذا الشرف الذي أكرمه به باستشهاد أبنائه الثلاثة وبعض الأحفاد”، على حد تعبيره.

وأكد هنية أن ما يقرب من 60 شخصاً من أفراد عائلته قتلوا خلال الحرب الحالية والتي دخلت شهرها السابع، مضيفاً أن “كل أبناء الشعب الفلسطيني وعائلات سكان قطاع غزة دفعوا ثمنا باهظا من دماء أبنائهم وأنه واحد منهم”، لافتاً إلى أن “العدو واهم إذا ظن أنه بقتله أبنائي سنغير مواقفنا تجاه مساعي اتفاق الهدنة أو وقف إطلاق النار، ولن ينجح في أهدافه”.

هل لأبناء هنية علاقة بالعمل العسكري؟

التعليق على الصورة، أولاد إسماعيل هنية الذين قتلوا في الغارة الإسرائلية في مدنية غزة

تشير كل المعطيات والدلائل على الأرض بأن أبناء إسماعيل هنية كافة، ليس لهم علاقة بالأعمال العسكرية وإن كان بعضهم تلقى تدريبات في معسكرات كتائب القسام، الذراع العسكري للحركة.

وتبين مصادر من داخل القطاع أن بعضهم عمل كمقاتل عادي أو كعنصر من عناصر الكتائب المسلحة، لكنهم ليسوا ضالعين في مهام عسكرية رسمية أو لم يتقلدوا أي مناصب رفيعة في الحركة، كما يؤكد بذلك ياسر أبو هين، المحلل السياسي والمختص في شؤون حركة حماس.

وأضاف أبو هين في حديثه لبي بي سي عربي، بأن أبناء هنية الثلاثة الذين قتلتهم إسرائيل الأربعاء، لو كانوا ضالعين في أي نشاطات عسكرية لم يكونوا ليتحركوا بكل هذه الأريحية، وسيكون لديهم بكل تأكيد خطط للتخفي والمناورة سواء في الأنفاق أو في أماكن مجهولة كما يفعل قادة التنظيم، حيث أنهم كانوا برفقة أطفالهم الصغار في زيارة عائلية بسيارة مدنية بمناسبة عيد الفطر.

“قتل” أم “اغتيال”؟

ويضيف المحلل السياسي ياسر أبو هين أن عملية مقتل أبناء وأحفاد هنية، دليل على مدى “التخبط والفشل الإسرائيلي في تحقيق أهداف عسكرية من شأنها أن تؤثر على قدرات حركة حماس وموقفها من مفاوضات محاولة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار”.

ويشير إلى أن العملية جاءت أيضا كمحاولة “لترميم صورة الجيش الإسرائيلي” بعد إعلان كتائب القسام عن قتل عدد من جنوده وضباطه في عملية “كمين الزنة” – وهي بلدة تقع شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة – وقد بثت القسام مشاهد مصورة للعملية وقالت إنها قتلت 14 جندياً خلالها.

و”يتفاخر” الجيش الإسرائيلي، حسبما يقول أبو هين، بقصف أشخاص مدنيين في هدف واضح ومكشوف، وقد استخدم الجيش في بيانه كلمة “اغتيال” والتي تكون عادة لقادة كبار سواء كانوا سياسيين أم عسكريين، كما أن الاغتيال يحتاج لجهود استخباراتية وجمع معلومات سرية بشكل كبير ودقيق، وهو ما لم يحتاجه في قصف سيارة مدنية مكشوفة وواضحة.

ومع تزايد الضغوط الدولية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، أرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيس وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، لإجراء الجولة الأخيرة من المحادثات في القاهرة.

ويعتقد أن المقترح الأخير، الذي تقول حماس إنها تقوم بدراسته، يتضمن إطلاق سراح 40 رهينة إسرائيليا محتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح 900 فلسطيني من السجون الإسرائيلية.

وحضّ الرئيس الأمريكي جو بايدن مساء الأربعاء، 10 أبريل، حركة حماس على الرد على مقترح تقدّم به الوسطاء لهدنة في غزة تشمل الإفراج عن الرهائن، داعياً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى السماح بإدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع المحاصر.

وقال بايدن خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض إن “الأمر يتعلق حاليا بحماس، عليها المضي قدماً بشأن المقترح الذي طُرح”، معتبرا أن كمية المساعدات التي تسمح إسرائيل بإيصالها إلى القطاع “غير كافية”، وذلك بعد أيام من اتصال شابه التوتر بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي.

اعتقال شقيقة هنية

واعتقلت الشرطة الإسرائيلية الإثنين الماضي، شقيقة هنية في بلدة تل السبع في النقب جنوب إسرائيل.

وذكرت الشرطة أنه خلال مداهمة منزلها عثرت على مبالغ مالية ودلائل تربطها “بجرائم تعرض دولة إسرائيل للخطر”.

وأكدت الشرطة في بيان أن “صباح عبد السلام هنية (57 عاماً) محتجزة في تل السبع وتخضع لتحقيق يشترك فيه جهاز الأمن الداخلي (شين بيت)”.

ولرئيس المكتب السياسي لحركة حماس المقيم في الدوحة، شقيقتان تسكنان في جنوبي إسرائيل وتحملان جنسيتها لزواجهما من عربيين إسرائيليين.

من هو إسماعيل هنية؟

هو سياسي فلسطيني ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس وزراء الحكومة الفلسطينية العاشرة، سجنته إسرائيل عام 1989 لثلاث سنوات، ثم نفي بعدها إلى مرج الزهور على الحدود اللبنانية الإسرائيلية مع عدد من قادة حماس، حيث قضى عاماً كاملاً في الإبعاد عام 1992.

يعيش حاليا في قطر، ولم يزر قطاع غزة منذ تركه لفترة طويلة.

تزوج إسماعيل هنية من ابنة عمه آمال هنية عندما كانت تبلغ من العمر ما يقارب ستة عشر عاماً. وأنجب منها 13 من الأبناء، ثمانية ذكور وخمس إناث.

البنات هن سناء، ولدت عام 1986، وبثينة، ولدت عام 1987، وخولة، ولدت عام 1992، ولطيفة، ولدت عام 1998، وسارة، ولدت عام 2004.

أما أولاده الذكور فهم عبد السلام، ولد عام 1981، وهمام، ولد عام 1983، ووسام، ولد عام 1984، ومعاذ، ولد عام 1985، وعائد، ولد عام 1994، وحازم، ولد عام 1994، وقتل في الغارة الإسرائيلية، وأمير، ولد عام 1995، وقتل في الغارة الإسرائيلية، ومحمد، ولد عام 1996، وقتل في الغارة الإسرائيلية.

انتُخب إسماعيل هنية (60 عاما) رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس في العام 2017 خلفا لخالد مشعل، لكن اسمه وكنيته (أبو العبد) كانا معروفين للعالم منذ 2006 حين تولى رئاسة الحكومة في السلطة الفلسطينية، بعد فوز حماس المفاجئ في الانتخابات البرلمانية.

ماذا يعمل ابنه البكر عبد السلام؟

يعمل عبد السلام هنية وهو الابن الأكبر لإسماعيل هنية، عضواً في المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني ونائباً لرئيس ذلك المجلس، القيادي في حركة فتح وعضو لجنتها المركزية جبريل الرجوب حيث حاول من خلال منصبه هذا تقريب وجهات النظر بين الفصيلين الخصمين الأكبر في الساحة الفلسطينية، حركتي فتح وحماس واعتبر أن الرياضة يمكن أن تسهم فيما يصفه دائما بالوحدة الوطنية لا سيما بين الكيانين المنفصلين، قطاع غزة والضفة الغربية.

وأثار ظهور عبد السلام في صورة أثناء حضوره مباراة قطر وإيران ضمن بطولة كأس آسيا في فبراير/شباط الماضي، في الدوحة، حالة من الغضب والاستياء في صفوف سكان القطاع ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي وذلك لأنهم اعتبروا ذلك غير لائق في ظل ما يتعرضون له من قتل وتدمير جراء الحرب المستمرة.

لا تزال إسرائيل تضع إسماعيل هنية وجميع قادة الحركة من الصف الأول سواء من هم في المكتب السياسي أو حتى قادة كتائب القسام، ذراعها العسكري، ضمن ما تصفه بقائمة المطلوبين وتريد تصفيتهم كما أعلنت.

ورغم مرور أكثر من ستة أشهر على تلك الحرب التي وصفت بغير المسبوقة، تتهم أوساط متعددة، من بينها إسرائيلية، حكومة نتنياهو بالفشل في تحقيق أهدافها من خلال تلك الحرب وعلى رأسها القضاء على قادة الحركة أو حتى تحرير الرهائن الذين خطفتهم الحركة إبان هجومها الواسع على مناطق غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى