سحرة أفارقة يعرضون خدماتهم عبر فيس بوك والتويتروالهاتف والسعوديين أكثرضحاياهم .
“ساحر مداو لدي 30 سنة من الخبرة…أستطيع جعل أي امرأة تقع في غرامك، وأستطيع أن أضاعف رصيدك في البنك.” ربما صادفتم مثل هذه الإعلانات ضمن برديكم الإلكتروني أو على فيس بوك. فيما يلي تحليل لأعمال النصب والاحتيال التي يمارسها السحرة المزيفون في بينين على الإنترنت.
أصبح عدد أكبر فأكبر من السحرة لا يترددون في إيجاد الزبائن مباشرة على صفحات الفيس بوك ليعرضوا عليهم تحقيق أمنياتهم وأحلامهم. وأولهم أولئك السحرة الدجالون الذين يقيمون في بينين.
أصبحت عروض قراءة الطالع عن بعد من بلدان غرب أفريقيا رائجة على الإنترنت، وخصوصا على فيس بوك، حيث يعرض الدجالون “أقفالا للحفاظ على الحبيب” أو “خواتم سحرية” تداوي من العقم وتمائم لاجتذاب النساء أو “محافظ سحرية” لكسب الثروة، وتعويذات من كل شكل ولون يفترض أن تحل كل المشكلات وتشفي حتى من الأمراض المستعصية العلاج. وعموما يترك هؤلاء الدجالون أرقام هواتفهم أو عناوينهم على سكايب ويطلبون الاتصال بهم من أجل استشارة مجانية.
لقد أردنا معرفة المزيد من المعلومات عن أسلوب هؤلاء الدجالين الملمين بالتكنولوجيات الحديثة والمبالغ التي يتقاضونها. فاتصلنا هاتفيا بالعديد منهم سجلنا مكالماتنا. وكلهم قبلوا جميع طلباتنا حتى المجنونة منها.
وعود لا تصدق
اتصلنا بمن يسمي نفسه “الشامان العظيم” ويقول إنه “ورث قدرات عن أسلافه” وأن عنده خبرة 50 سنة ويملك قدرات خفية” وكان الاتصال عبر موقعه الإلكتروني.
“زوجتك ستعود زحفا على ركبها”
الدجال: “سأقوم بإجراء معاينة سريعة، في ظرف 5 دقائق، حتى أعرف أسباب شجاراتكم.]…[ وفي ظرف خمسة أيام على أكثر تقدير ستعود زوجتك إلى البيت وهي تتوسل إليك على ركبتيها.”
الصحافي: “وكم يتعين علي أن أدفع؟”
الدجال:”هذا الأمر يتوقف على نوعية الأعمال التي سأقوم بها. هناك أعمال تبلغ تكلفتها 1000 يورو وأخرى 2500 يورو. وهناك أعمال لا يتجاوز سعرها 100 يورو. ”
“تريد المال؟ أستطيع أن أضاعف أوراقك النقدية”
الدجال: “هناك تعويذات لمضاعفة الأوراق النقدية، وهناك كذلك محافظ وحقائب سحرية. ويوجد أيضا طلاسم لمضاعفة الأوراق النقدية. ”
الصحافي:”وكم علي أن أدفع؟”
الدجال:” هناك وصفات يبلغ سعرها 1500 يورو وأخرى يبلغ سعرها 2500 يورو]…[.”
“أستطيع أن أطيل قامتك حتى ثلاثة أمتار !”
الصحافي: “لست طويل القامة ولا قوي البدن. تبلغ قامتي مترا و55 سنتيمترا فقط. هل يمكن مساعدتي أم هذا صعب جدا؟”
الدجال:” نعم لدي مستحضر وسأرشح لك كيفية استخدامه.”
الصحافي:” حلمي أن تصبح قامتي مترا و85 سنتيمترا.”
الدجال:” يمكنني مساعدتك في أن تصبح قامتك أطول بالقدر الذي ترغب، حتى ثلاثة أمتار إن أردت.”
“أستطيع أن أجعلك غير مرئي”
وثالث دجال اتصلنا به اسمه “بابا عمر” ويؤكد لنا أنه له قدرات شيطانية يستطيع بواسطتها جعل الشخص غير مرئي وتمكينه من اختراق الجدران”
الصحافي:” وبعد قيامي بهذا العمل، هل سأصبح فعلا قادرا على الاختفاء واختراق الجدران؟”
الدجل:”نعم، من دون شك]…[. لكن ينبغي عليك أن تدفع مبلغ 485 يورو، علما أن هذا المبلغ لن أستفيد منه، سأستخدمه فقط لاقتناء عناصر الوصفة السحرية]…[ .”
وجميع هؤلاء الدجالين الذين اتصلنا بهم أرسلوا لنا استمارات لملئها بالبريد الإلكتروني وطلبوا منا أن نحول دفعات مقدما عبر خدمة تحويل الأموال ويسترن يونيون لكي يشتروا “عناصر” الوصفة السحرية.
نموذج الاستمارة التي أرسلها أحد الدجالين.
المساهمون
خوسيه ماو
بيرتران
” دجالون…بالتكنولوجيات الحديثة”
خوسيه ماو (اسم مستعار) دجال نصاب قبل الإدلاء بشهادته حول أسلوب عمله على الإنترنت. ولم يتردد في وصف ضحاياه بأنهم “مغفلون”.
أنا نصاب شبكي أمارس مختلف أنواع النصب على الإنترنت، ولا سيما بيع السيارات وقرض الأموال وقراءة الطالع. ولكي لا أترك أي أثر لأعمالي فإنني أستخدم مقاهي الإنترنت. ولكي أجذب الزبائن أنشر إعلاناتي على مواقع الإعلانات المجانية مثل topannonces.fr
أول قاعدة هي كسب ثقة الشخص. وقد يستغرق ذلك عدة أسابيع. أطلب منه أن يعطيني اسمه وكنيته وصورة لأن هذا هو ما يطلبه السحرة عادة. وأحيانا أستشير ساحرا حقيقيا وأطلب منه معلومات وإشارات عن الشخص الذي أريد النصب عليه [هيئة التحرير: رغم وجود عمليات النصب تظل استشارة السحرة وغيرهم عادة سائدة في بينين والعديد من الناس يؤمنون ببراعتهم]. أدفع له بين 2 و3 يوروهات للاستشارة لكني أطلب منهم بين 200 و2500 يورو.
وحالما يحول الزبون المقدم عبر خدمة ويسترن يونيون أبعث له بريدا بخدمة التوصيل “دي إيتش إيل” تحتوي على عناصر الوصفة السحرية وهي في الحقيقة لا تنفع في شيء. وعادة لا يمكن أن يكون عمل الساحر مجديا عن بعد، إذ يجب أن يكون الشخص حاضرا لكي يتمنى نجاح العملية.
وبعد بضعة أيام أو أسابيع من إرسال هذا البريد يتصل بي الشخص من جديد ليقول إن الوصفة السحرية لم تنفع. فأنصحه عندئذ بعلاج آخر وأطلب منه الدفع مجددا. وهكذا دواليك إلى أن يكتشف النصب فيكف عن الاتصال بي.
ولكي أتجنب اكتشاف لعبتي لا أتلقى أبدا الأموال باسمي بل أرسل زميلا ليسحبها من مكتب ويسترن يونيون بهوية مزورة وأعطيه عمولة تتراوح بين 10 و15 في المئة من المبلغ.
زبائن أوروبيون مصابون بأمراض مستعصية العلاج
يؤكد خوسيه ماو أن زبائنه أوروبيون بالأساس وخصوصا فرنسيون وبلجيكيون وبرتغاليون. وهم من أوساط مختلفة، فهم رجال أعمال ناجحون ونساء يبحثن عن فارس الأحلام ومصابون بأمراض مستعصية العلاج يتوجهون إلى السحر بعد أن فقدوا الأمل.
أنا مثلا على اتصال بسيدة بلجيكية عمرها 37 سنة وصلت فاتورتها إلى 3000 يورو لمساعدتها على إيجاد زوج وإقامة شركة. وهي تبعث لي تحويلا قيمته 200 يورو كل شهر، منذ آذار/مارس 2013. وقد قلت لها إن العمل على حالتها قد يستغرق سنتين وهي ستظل تدفع لي الأموال على الأقل حتى آذار 2015. وبواسطة هذا العمل أكسب مبالغ محترمة وأعيش عيشة جيدة. فأنا أكسب على الأقل 200 يورو، وهذا مبلغ لا يستهان به في بينين. وأحيانا تصلني هدايا. فهناك زبونة بلجيكية أخرى أهدتني سيارة مؤخرا بعد أن أخذتها عند ساحر من هنا.
خوسيه ماو
“إنهم يبررون أعمالهم بأنها طريقة لاسترداد الأموال التي سرقها سابقا البيض”
بيرتران أحد مراقبينا في كوتونو. وهو يعرف جيدا أوساط نصابي الإنترنت والدجالين على الإنترنت لأنه عمل لمدة سنتين في مقهى للإنترنت.
الدجالون ونصابو الشبكة عموما يكسبون أموالا طائلة باستغلال مصائب الناس. وليس عندهم أي وازع أو ضمير. مؤخرا تحدثت إحدى القنوات التلفزيونية مع نصاب على الإنترنت قبضت عليه الشرطة. وعندما سألوه إن كان نادما على ما فعل، أجاب أن عمله ليس فيه أي ضرر، لأنه ينصب على البيض فقط. وبرر عمله قائلا إنه طريقة لاسترداد الأموال التي سرقها سابقا البيض الذين استعبدوا السود ونهبوا كل ثرواتهم الطبيعية.
“إنها شبكة محكمة التنظيم”
إذا دخلتم مقهى للإنترنت في كوتونو فاعلموا أن 7 أشخاص من 10 هم نصابون على الشبكة. وهذه “مهنة” منتشرة جدا ومحكمة التنظيم. فكل مجموعة من نصابي الشبكة تعمل بقيادة رئيس يدفع لها اشتراكات إنترنت مدتها مئات الساعات لكي ينظموا عمليات النصب. وهؤلاء النصابون على الشبكة “يوظفون” عندما يهجرون المدارس ويكونون مراهقين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 سنة. وفي كل “مهمة” يكون هناك خبراء حسب نوع النصب. مثلا يتطلب النصب الخاص ببيع السيارات مجموعة نصابين مكلفين حصرا باستخراج عناوين البريد الإلكتروني لمواقع بيع السيارات. وهناك أيضا متخصصون في وضع برامج الإنترنت وهم شباب ملمون بالمعلوماتية ويتقاضون نحو 500000 فرنك أفريقي (1000 يورو) لإنشاء مواقع إنترنت مزورة لبنوك أو مواقع للسحرة أو أي مواقع أخرى. وهناك مجموعة أخرى مكلفة بسحب الأموال من البنك ويكون بعض الموظفين في هذا البنك متواطئين.
وحسب مراقبنا فهذا النوع من النصب الشبكي يجتذب العديد من الشباب في بينين لأنه نشاط يدر “ريعا” سهل الربح في بلد تسود فيه البطالة بنسبة كبيرة. وقد تحركت سفارة فرنسا ووزارة الداخلية الفرنسية في كوتونو لتنبيه رعاياها من هذا النوع من النصب، فنشرت عدة رسائل تحذير على الإنترنت. وفي حال حدوث أي نصب، يمكن للضحايا أن يقدموا شكاوى في فرنسا. ويمكن أيضا تقديم الشكاوى في بينين للنائب العام لجمهورية بينين. ولكن من النادر جدا أن تسفر التحقيقات عن نتائج ملموسة وأن يعوض الضحايا عن الأضرار.
وتشير بعض الرويات التي يتداولها العامة أن نسبة كبيرة من السعوديين وبالذات النساء هم أكثر ضحايا هؤلاء النصابين .
المصدر فرنسا24