اختلاف الرِّوَايات حول سبب سقوط نعش الممثلة فاتن حمامة
تسبب التزاحم الشديد للجمهور الذي حضر لتشييع جثمان الفنانة الراحلة فاتن حمامة في مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر بسقوط حاملي النعش و اهتزازه من بين أيدي المشييعين أثناء خروجهم من المسجد عقب أداء صلاة الجنازة .. فيما قالت رواية أخرى أن سبب السقوط يعود لثقل الجنازة وعدم قدرة المشييعين السيطرة على توازنهم .
يذكر أن فاتن ولدت في مدينة المنصورة في 27 مايو عام 1931، ووالدها هو الراحل أحمد حمامة الذي كان يعمل بوزارة المعارف، وترتيبها الثاني بين أشقائها، إذ كان لها ثلاثة إخوة أكبرهم منير حمامة الذي عمل ضابطا بالجيش، إضافة إلى شقيقتها الصغرى ليلى حمامة، والأصغر مظهر حمامة.
الطريف أن من أطلق هذا الاسم عليها هو شقيقها منير الذي كان يكبرها بعامين، رغم ندرة اسم فاتن في تلك الفترة، وكان قد اختاره منير لـ “عروسته اللعبة” التي كان يحرص على أن تنام بجواره دائما.
كان والدها مجرد موظف بسيط في وزارة التربية والتعليم، يحلم لها بأن تكون ذات شأن كبير، لأن الشقاوة كانت تطل من عينيها مصحوبة بشعاع فسّره كل من يراه بأنه نوع من الذكاء الممزوج بالفطرة الجميلة، لذا كان يحرص على اصطحابها إلى السينما بالمنصورة لمشاهدة الأفلام.
وفي يوم لن تنساه السينما، أخذها والدها لمشاهدة أحد الأفلام، حيث كانت الصغيرة مبهورة لدرجة السحر بعالم السينما وقصصها ونجومها، وكان الفيلم بطولة الفنانة آسيا داغر، وبعد انتهاء الفيلم بدأ الجمهور يصفق بشدة إعجابا بالفيلم وبطلته، فنظرت الصغيرة لوالدها وقالت ببراءة: بابا أنا حاسة إن الناس دي بتصقف لي أنا؟
أدركت الطفلة الصغيرة ما تمثله السينما بالنسبة إليها من أهمية خاصة، لكنها لم تطرقها، بل إن السينما هي التي جاءت إليها، عن طريق المصادفة، فعندما كان عمرها 6 سنوات قرر والدها الاشتراك في مسابقة أجمل طفلة، فاشترى لها فستانا أنيقا، وذهب معها إلى استديو تصوير بالمنصورة لالتقاط صورة لها، ثم أرسل الصورة للمجلة التي كانت تجري الاستطلاع، لتفوز فاتن حمامة من بين نحو 100 طفلة اشتركت في المسابقة، وتصدرت صورتها الغلاف.
مصادفة
وبالمصادفة، رأى المخرج محمد كريم صورتها في الوقت الذي كان يبحث فيه عن طفلة “معجونة بميّة العفاريت” تشارك الموسيقار عبدالوهاب عدة مشاهد في فيلم “يوم سعيد” (1940)، فقرر إرسال مندوب لوالدها في المنصورة من أجل إحضارها والقدوم معها للاتفاق على تفاصيل التعاقد، وترشيحها للفيلم، وهي الخطوة التي كانت بداية المشوار للطفلة فاتن حمامة في السينما المصرية.
وجد المخرج محمد كريم شيئا ما يجذبه لهذه الصغيرة، وطلب منها أن تقوم بإلقاء نشيد أمامه، ليختبر صوتها وقدرتها على الأداء، فوجدها تسرد له 10 أناشيد وليس نشيدا واحدا، كما طلب منها.
فوجئ كريم بموهبتها الفائقة وعفويتها الصادقة وقدرتها على التركيز وحفظ الحوار، فقرر إسناد عدة أعمال سينمائية لها، وبعد 4 سنوات، عملت مع كريم في فيلم “رصاصة في القلب” لعبدالوهاب أيضا (1944)، حيث قام المخرج المصري بالتواصل مع عائلتها مرة أخرى، لتكون في الفيلم لإيمانه بأنها ستكون نجمة لها بريق خاص.
فقدت فاتن متعة الطفولة مبكرا، بعدما أصبحت نجمة وهي في سن صغيرة، فحظيت بمعاملة مميزة في مدرستها من زملائها ومدرسيها، بينما ساهمت إقامتها بعيدا عن القاهرة في اعتذار والدها عن عدة أعمال رشحت لها بسبب المدرسة والامتحانات، وصعوبة التصوير خلال الدراسة، لتكتفي بعملين في العام كانت تقوم بتصويرهما خلال العطلة الصيفية.
أدرك والدها أن استمرار وجودهم في المنصورة سيعيق ابنته عن استكمال مسيرتها بالتمثيل، وخاصة مع تلقيها عروضا عدة سينمائية للمشاركة كطفلة، فقرر نقل عمله إلى القاهرة ونقل أسرته كلها.
بداية المشوار
بدأت الأضواء تحاصر فاتن حمامة، والاهتمام بها يتحول إلى أخبار وقصص ومقابلات، و ضربت موعدا مع النجومية المبكرة، ولفتت نظر الفنان يوسف وهبي، فطلب منها أن تكون ابنته في فيلم “ملاك الرحمة” (1946)، ومن هذه اللحظة أصبح اسم فاتن حمامة ماركة مسجلة في أدوار الميلودراما التي برعت فيها بصورة غير عادية.
قدمت فاتن خلال تلك الفترة من حياتها مجموعة من الأفلام التي أطلت فيها كطفلة صغيرة، إلى أن التحقت بالدفعة الأولى من معهد التمثيل الذي أسسه الفنان الراحل زكي طليمات، فكانت الأصغر سناً من بين دارسي المعهد في الدفعة التي كان من بينها عدد من عمالقة السينما لاحقا، ومنهم فريد شوقي، نعيمة وصفي، شكري سرحان وحمدي غيث.
بذل طليمات مجهودا كبيرا مع فاتن لتدريبها على التمثيل، بسبب عدم نطقها حرف “ر” بطريقة صحيحة، الأمر الذي أفادها في تعلّم اللغة العربية الفصحى والحديث بها وبطلاقة لاحقا.
قررت فاتن الاستمرار بالتمثيل، بدعم من عائلتها التي آمنت بموهبتها الفنية، وخاصة بعد الإشادة التي حصلت عليها من الفنان الكبير يوسف وهبي، بعد مشاركتها معه في فيلم “ملاك الرحمة”، إذ كان من الصعب إقناع فنان بحجم يوسف وهبي أن تشاركه البطولة شابة صغيرة مازالت على أعتاب المراهقة، ما لم تكن تملك الموهبة، فرشحها للمشاركة في ثلاثة أفلام هي “كرسي الاعتراف” و”اليتيمتين” و”ست البيت”، وذلك بين عامي 1947 و1949.
حققت فاتن من خلال هذه الأفلام نجاحا كبيرا، مكّنها من أن تضع شروطا خاصة بها، من بينها عدم ارتداء المايوه رغم تحرر الفنانات في تلك الفترة، إضافة إلى عدم التقبيل مطلقا في السينما.
في عام 1952 قامت بالبطولة في فيلم “لك يوم يا ظالم” مع المخرج صلاح أبوسيف، والذي شارك في مهرجان كان السينمائي الدولي كما شاركت في أول فيلم للمخرج يوسف شاهين، وهو “بابا أمين” عام 1950، ثم صراع في الوادي عام 1954، والذي شارك في مهرجان كان، وشاركت في أول فيلم لكمال الشيخ، وهو المنزل رقم 13، وفي عام 63 حصلت على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “لا وقت للحب” مع رشدي أباظة.