حصاد الحرب إسرائيليًّا: 4500 صاروخ و70 قتيلًا و2300 جريح و8 مليارات شيكل عجز في الموازنة
بدأت الصحف ومراكز الأبحاث الإسرائيلية تنشر تفاصيل عن حصاد الخسائر الإسرائيلية جرّاء 51 يومًا من الحرب في غزة، مؤكدة أنّه بجانب الأضرار المادية هناك أضرار معنوية وإخفاقات استراتيجية وفشل استخباري، حتى إنّ صحيفة “معاريف” قالت إنّ اللجنة المركزية لليكود ستعقد اجتماعًا بعد أسبوعين لمناقشة “الفشل” في حرب غزة.
ونشرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الأربعاء إحصائية شاملة حول العملية العدوانية التي شنّتها قوات الاحتلال ضد قطاع غزة، بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، ذكرت فيها أن 70 إسرائيليًّا قد قتلوا خلال العدوان على غزة منهم 65 ضابطًا وجنديًّا سقطوا أثناء المعارك مع المقاومة الفلسطينية على حدود قطاع غزة عندما حاولت قوات الاحتلال الدخول بريًّا إلى القطاع، في حين قُتل 5 مدنيين في سقوط المئات من صواريخ المقاومة على المستوطنات والمدن الإسرائيلية، في حين أصيب ما لا يقل عن 2300 إسرائيليّ بجراح مختلفة أكثر من نصفهم من الجنود.
وكان الوزير “أردان” قد قال: إن “الجيش أخبرنا عشية الحرب أن عدد القتلى في الجنود سيكون أقل من أصابع اليد الواحدة، وفوجئنا بهذا العدد الكبير من القتلى”.
وقالت الصحيفة إن سلاح الجو الإسرائيلي قد هاجم نحو 5085 هدفًا على مدار خمسين يومًا من القتال، وقد تم تجنيد نحو 80 ألف جندي احتياطي، واعترفت بأن “الجيش الإسرائيلي لم يحقق أيّ إنجاز خلال تلك العملية سوى تدمير عدة أنفاق”، دون أن تذكر حجم الدمار الذي تسبب فيه الاحتلال في غزة ضد المدنيين.
وذكرت “يديعوت أحرنوت” أن “أكثر من 4500 صاروخ قد تم إطلاقها من قطاع غزة تجاه المدن والمستوطنات الإسرائيلية بدءًا من مستوطنات غلاف غزة وحتى المناطق الشمالية كمدن حيفا وهرتسليا وتل أبيب وغيرها”، وأن 220 صاروخًا سقطت على مباني إسرائيلية، في حين اعترضت القبة الحديدية 708 من الصواريخ فقط من إجمالي عدد الصواريخ (أي فشلت في اعتراض 3792 صاروخًا فلسطينيًّا).
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، أنها أطلقت وحدها خلال المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، 3621 قذيفة صاروخية من هذه الـ 4500 قذيفة صاروخية، وأعلنت “كتائب المجاهدين” الجناح العسكري لحركة “المجاهدين” الفلسطينية، إطلاق 525 صاروخًا وقذيفة، والباقي موزع على حركة الجهاد وفصائل أخرى.
وقالت حماس إن مما أطلقته: 11 صاروخًا من طراز ز160، و22 من طراز ت80، و185 من طراز ح75، و64 من طراز س55، و5 من طراز فجر، فيما كان منها 3334 من طرازات (جراد/قسام/كاتيوشا/هاون).
وأشارت إلى أن صواريخها طالت -لأول مرة في تاريخ الصراع ومنذ احتلال فلسطين عام 1948- مدنًا ومواقع ومراكز عسكرية ومطارات، كان أبرزها حيفا وتل أبيب ومطار بن جوريون والقدس ومفاعل ديمونا وبئر سبع ومحطة الغاز في عرض البحر وغيرها من المدن والمواقع.
وأضافت “القسام” أنها “فاجأت العدو والصديق بصناعاتها العسكرية رغم الحصار، فتمكن مهندسوها من تطوير صاروخ ز160 ويصل مداه 160 كم، وصاروخ ت80 ويصل 80 كم، وح75 ويصل 75 كم ، وس55 ويصل 55كم، كما صنع مهندسوها طائرة استطلاع (بدون طيار)، وحملت اسم أبابيل وهي من ثلاثة نماذج (استطلاعية/هجومية/انتحارية)، كما صنع المهندسون بندقية القنص (غول) وهي من عيار 14.5، وغيرها من الصناعات التي لم تكشف عنها كتائب القسام”.
وأشارت إلى أن “العدو تكبد خسائر فادحة خلال الحرب البرية، فأسرت القسام الجندي (شاؤول أرون) وقتل العشرات من الضباط والجنود، ونفذت عمليات غير مسبوقة خلف خطوط العدو عبر الأنفاق التي شكلت رعبًا للعدو، ومثلت سلاحًا استراتيجيًا لم يشهد العالم مثله في العصر الحديث”.
أما فلسطينيًا، فقد أدى العدوان الإسرائيلي لاستشهاد نحو 2133 فلسطينيًا معظمهم من المدنيين والأطفال والشيوخ والنساء، كما أصيب 10 آلاف و890 آخرين بجراح وصفت معظمها بالخطيرة منذ بدء العملية العسكرية.
8 مليارات شيكيل خسائر
اقتصاديًا، قالت وزارة المال الإسرائيلية إن التكلفة المباشرة لعملية “الجرف الصامد” بلغت نحو ثمانية مليارات شيكل، وأن الحكومة الإسرائيلية في اجتماعها الأسبوعي يوم الأحد المقبل ستناقش إجراء تقليص في ميزانيات شتى الوزارات والدوائر الحكومية بحجم مليار ونصف مليار شيكل من جراء تكلفة عملية “الجرف الصامد” العسكرية.
وقالت وزارة المال في بيان إن التقليص لن يمس الخدمات المدنية بما في ذلك التربية والتعليم والإعانات المقدمة للمسنين وللناجين من المحرقة النازية.
وأضاف البيان أنه عقد اجتماع باشتراك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير المال يائير لبيد ومحافِظة بنك إسرائيل كرنيت فلوغ ورئيس المجلس الاقتصادي القومي في ديوان رئيس الحكومة، تقرر فيه رفع نسبة العجز المالي في ميزانية الدولة للعام المقبل بـ0,6% بالمئة، لتبلغ 3,1%.
وأفاد البيان أن وزارة المال تنوي إضافة مليارين ونصف مليار شيكل إلى ميزانية وزارة الدفاع في إطار ميزانية الدولة للعام المقبل.
الأمن الإسرائيلي مهدد
وقد اعتبر كثير من المحللين العسكريين الإسرائيليين الاتفاق الذي جري توقيعه بمثابة فشل لإسرائيل، وقالوا إن الأمن الإسرائيلي سيظل مهددًا بصواريخ المقاومة، والتهدئة سوف تسمح لحماس بمزيد من تطوير معداتها وصواريخها العسكرية، واندلعت خلافات كبيرة بين نتنياهو ووزرائه، خصوصًا وزير خارجيته بسبب رفضه إطْلاعهم على الاتفاق قبل توقيعه لأن به تنازلات كثيرة.
ولخّص الكاتب الصهيوني “روي أراد” ما جري بقوله: “أثبتت الحرب على غزة فشل نظريتنا القائلة (ما لم ينجز بالقوة ينجز بمزيد من القوة) “.
وكان في هجوم ليبرمان على نتنياهو إشارات لهذه الخسائر المعنوية والسياسية، حيث قال عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “نعارض اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس والذي يمكّنها من الاستمرار في بناء قدراتها العسكرية، والاستعداد لجولات قتال أخرى مع إسرائيل؛ فتهديد الصواريخ والأنفاق ما زال مستمرًّا”.
رون بن يشاي، المحلل العسكري بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، وصف أيضًا اتفاق وقف إطلاق النار بأنه “إنجازٌ تكتيكيّ لا يؤمّن تهدئة ثابتة بعيدة المدى”، وقال: “إننا لا نعرف ما إذا كنا انتصرنا أم خرجنا متعادلين من المعركة”؟
وزعم أن “حماس” تلقّت ضربة قاسية وخسرت قدراتها العسكرية إلى جانب مقتل أكثر من ألف من مقاتليها، لكنه قال إن إسرائيل أيضًا خسرت 70 قتيلًا “بدون حلّ مرضٍ يضمن أمن المستوطنات القريبة من السياج الحدودي في مواجهة قذائف الراجمات والصواريخ قصيرة المدى وحتى الصواريخ المضادة للمدرعات التي قد تطلق على باصات تنقل أولادًا إلى المدارس في منطقة مجلس إشكول الإقليمي أو في النقب”.
ولهذا دعا “يشاي” لمنع “حماس” من إعادة بناء قوتها، قائلًا: “هذا الأمر يجري حلّه في هذه الأيام من خلال تدمير مصر أنفاق التهريب في رفح ومراقبتنا للمساعدة الإنسانية التي تمر في المعابر”، وفي المستقبل عندما يفتح معبر رفح سيحرص رجال أبي مازن على عدم انتقال السلاح من مصر إلى غزة. وقال: “إن المعركة لم تنتهِ ولكن انتقلت إلى المجال السياسي والدبلوماسي والقضائي على الساحة الدولية”.
أيضًا، قال المحلّل السياسي الإسرائيلي “ناحوم برنياع”، إن إنجاز القيادة السياسية الإسرائيلية في المواجهة العسكرية الأخيرة كان هزيلًا جدًّا، مضيفًا أنّ الخوف هو أن نكون قد مهّدنا الطريق للجولة التالية في لبنان أو في غزة بدل أن نمهد الطريق لإزالة التهديد من غزة، لكن هذا ما وهبته لنا حكومتنا وما سنضطر للعيش معه.
وأوضح أن ما حصلنا عليه في القاهرة هو عمود السحاب رقم 2، وكان يمكن أن يعتبر إنجازًا بعد أسبوعين من بدء العملية حينما لم تكن الأثمان التي دفعناها مرتفعة جدًّا، وكان سيكون محتملًا بعد شهر، أما بعد خمسين يومًا، فيمكن أن نأسف فقط لما كان وأن نأمل الخير في المستقبل.
وطالبَ رئيس جهاز الشاباك السابق يوفال ديسكن من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والمستوى السياسي توضيح تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار (الذي لم يعرضه على الإسرائيليين ولا وزراء حكومته)، قائلًا: إن من حق الجمهور الاطلاع على الاتفاق أو التفاهمات التي أبرمت مع حركة حماس في العاصمة المصرية القاهرة من أجل إنهاء العملية العسكرية على قطاع غزة “الجرف الصامد” بعد 70 قتيلًا إسرائيلي و50 يومًا من القتال ودون مناقشة ومصادقة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية لاتفاق وقف إطلاق النار مع حماس.
كما انتقد الوزير عوزي لانداو من حزب إسرائيل بيتنا بشدة الأداء الإسرائيلي خلال عملية الجرف الصامد في قطاع غزة، وقال في مقابلة إذاعية: “إن إسرائيل دخلت المعركة بتردد وأنجرت وراء التحركات القتالية وخلقت انطباعًا وكأنها تريد الهدوء بكل ثمن وكأنها غير مستعدة لخوض القتال”.
وأضاف لانداو أن هذا التصرف يمسّ بقدرة الردع الإسرائيلية بشكل خطير ويلحق بإسرائيل ضررًا طويل الأمد، ورأى أن إسرائيل لم تفلح أيضًا في الاستفادة من الدعم الدولي الكبير الذي حصلت عليه في بداية العملية.
وقال رئيس مركز حزب الليكود عضو الكنيست داني دانون إنّ “الجمهور الإسرائيلي يشعر بالارتباك والبلبلة”، مشيرًا إلى “التحديات المتمثلة بوجود حركة حماس وقدراتها التسليحية التي فاجأت إسرائيل”.