ترحيب بقرار إنهاء التحالف غاراته الجوية في اليمن ..وشعور بالفخر من السعوديين بأن دولتهم تفرض نفسها بطريقة غير مسبوقة
رحبت عدة دول بقرار التحالف الذي تقوده السعودية إنهاء غاراته الجوية التي استهدفت مواقع تابعة للحوثيين وحلفائهم في اليمن.
وأعلنت وزارة الدفاع السعودية أن قرار إنهاء الحملة اتُخذ بناء على طلب الحكومة اليمنية، مؤكدة أن حملة “عاصفة الحزم” حققت أهدافها العسكرية.
وفي تغريدة بموقع تويتر، أبدى وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ترحيب طهران بوقف العملية بوصفه “تطورات إيجابية”.
وأضاف ظريف إن إنهاء العملية “يجب أن يليه تقديم مساعدات إنسانية طارئة، وحوار يمني داخلي، و(تشكيل) حكومة ذات قاعدة عريضة.”
وسيبدأ التحالف عملية جديدة تحت إسم “إعادة الأمل”، وستركز على إيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن.
وتواجه إيران اتهامات بدعم الحوثيين الشيعة الذين سيطروا على العاصمة صنعاء العام الماضي وشكلوا حكومة بديلة، قبل أن يتوجهوا للسيطرة على مدينة عدن التي انتقل إليها الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ودأبت طهران على نفي المزاعم بأنها تدعم الحوثيين.
“شكر وامتنان”
من جهته، شكر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي السعودية على دعم “شرعيته” في كلمة بثها التلفزيون.
وقال هادي من الرياض التي فرّ إليها عقب اندلاع العنف في بلاده “اتقدم باسمي ونيابة عن الشعب اليمني بخالص الشكر والتقدير لأشقائنا العرب والمسلمين وشركائنا في تحالف دعم الشرعية.”
وأضاف “سنتصر بإذن الله، وليس هناك أدنى شك في ذلك، وسوف نتخطى هذه الأزمة ونعود لبلدنا العزيز قريباً، سنعود إلى صنعاء وعدن لإعادة الأمل ولرسم الابتسامة على وجوه شعبنا.”
وأشار هادي إلى أنه سيبذل قصارى جهده لبناء وتطوير ومعالجة أي مصاب، كما أنه سيتم تعويض الأشخاص الذين عانوا من الأزمة الأخيرة، مشدداً على “البدء ببناء اليمن الجديد”.
وعلى صعيد متصل، عبرت الولايات المتحدة عن دعمها للعمل لإيجاد حل سلمي في اليمن.
وتقود السعودية رسميا العمليات العسكرية بمشاركة تحالف يضم عدة دول، الإمارات العربية المتحدة ومصر والمغرب ودولا سنية أخرى.
لكن غالبية السعوديين يرون أنها حربهم بصورة أكبر، وأن لهم حق القتال عبر حدودهم في اليمن. وتقوم الطائرات السعودية بحوالي 70 في المئة من إجمالي الطلعات الجوية التي تستهدف مواقعا للمتمردين في اليمن.
رسميا، فإن هذه الحرب محدودة أيضا في نطاقها وأهدافها: إعادة السلطة للرئيس عبدربه منصور هادي، المعترف به دوليا، وكذلك طرد المتمردين الشيعة “الحوثيين”، المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، من الأراضي التي سيطروا عليها.
لكن كل محادثة تقريبا مع مواطنين سعوديين حول العملية العسكرية في اليمن تتحول إلى مناقشة أوسع عن المنطقة، ودور حاكم المملكة الجديد، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، كقائد لقوات التحالف، وفي غالبية الأحيان عن رغبة الشعب في رؤية هذا الأمر يترجم إلى تحرك في مكان آخر.
والتقيت زوجين شابين يتنزهان بالخارج، الشاب كان يخدم في الجيش لذلك لم يخبرني سوى باسمه الأول فقط “حامد”، ولمعت عيناه عندما سألته عن تأييده للحرب.
وقال :”نؤيد قرار الملك بإعلان الحرب بنسبة 100 في المئة، وآمل أن نتحرك لمساعدة سوريا بعد ذلك، واسقاط الرئيس بشار الأسد بعد أن تسبب في موت وتدمير شعبه.”
موجة الوطنية
وتتهم السعودية منافستها الاقليمية إيران بتسليح الحوثيين، وهذ الاتهامات التي ينفيها كلا من الحوثيين وإيران.
ويشعر السعوديون بصورة عامة أنهم تلقوا ضربات من إيران الشيعية في الشرق الأوسط، في ظل محاولة طهران تعزيز نفوذها من بغداد إلى بيروت.
وتعد قصة الضحية هذه أمر غريب بالنظر إلى قوة دول مثل الممكلة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي (GCC) بشكل عام، وحقيقة أن الأغلبية الساحقة من المسلمين في العالم هم من السنة.
لذلك فإن هناك موجة من الوطنية المثيرة للاهتمام تنتشر في المملكة هذه الأيام وكذلك شعور بالفخر بأن المملكة العربية السعودية، في ظل حكم الملك سلمان، تفرض نفسها بطريقة لم تكن في الماضي.
وقال حامد :”السعودية مرجعية وقائدة للعالم العربي والإسلامي ونحن فخورون بهذا”.
وحتى الآن لا يتخطى عدد ضحايا السعودية أصابع اليد الواحدة، ووعدت الحكومة بتعويضات لعائلات “الشهداء” تتضمن مليون ريال سعودي (266 ألف دولار أمريكي) بالإضافة إلى مزايا أخرى.
تقريرعلى الطريقة الأمريكية
يوميا في السابعة مساء، يتجمع السعوديون حول التليفزيون الرسمي لمتابعة النقل المباشر لمؤتمر صحفي يعرض التقدم الذي تحرزه الحملة العسكرية.
ويبدأ بمقطع فيديو قصيرة لأغنية وطنية عن الأمة، بينما تتحرك الدبابات والجنود وتحلق الطائرات على الشاشة.
ويعرض العميد أحمد عسيري، المتحدث باسم التحالف، تقرير ملخص العملية اليومي على الطريقة الأمريكية، مع لقطات بالأبيض والأسود عن الأهداف التي تضربها الطائرات، ثم يجيب بعد ذلك عن أسئلة الصحفيين، وعادة ما يبدأ التقرير بتأكيد على أن كل شيء يسير وفق الخطة.
وقال :”إن الدخول في حرب أو القيام بعمليات عسكرية دائما ما يكون قرارا صعبا، وهي ليست أمرا للمتعة لأي بلد”.
وأضاف “لم يكن لنا أبدا أية أطماع في اليمن، لكن الموقف كان يتطلب التدخل لعلاجه ومنع أن تتحول اليمن لدولة فاشلة وبدون حكومة”.
إرسال رسالة
وتمثل تلك الحرب أيضا وسيلة للسعودية للتصدي لما تراه تملق واشنطن لطهران أثناء المفاوضات النووية والشعور بأن الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة وتترك فراغا، وهو الشعور الذي يشاطرها فيه حلفاءها بالتحالف.
ويقول عبدالعزيز الساغر، رئيس مركز أبحاث الخليج بجدة :”يشعر غالبية المواطنين بأن الملك سلمان اتخذ القرار الصحيح، وإرسال رسالة لإيران في المقام الأول، نحن لسنا ضعفاء ولا مترددين وأمننا القومي سوف يتجاوز حدودنا في الجنوب أو الشمال إذا تطلب الأمر”.
ويضيف ساغر :”إذا ما نجحت العملية العسكرية في اليمن، فهذه السياسة الخارجية الجديدة والأكثر قوة سيكون لها تأثيرا ايجابيا على أجزاء أخرى في المنطقة حيث يوجد النفوذ الإيراني، مثل لبنان والعراق والبحرين”.