“الداخلية”تكشف تفاصيل حول استراتيجية تنظيم “داعش” في استقطاب صغار السن
أكد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي، أن تنظيم داعش يستهدف صغار السن المندفعين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومن خلال دعايات التنظيم عبر الشبكات الإلكترونية.
وأوضح التركي في رده حول إستراتيجية التنظيم الإرهابي في السيطرة على صغار السن, أن التنظيم يستهدف هذه الفئة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي, ومن خلال دعايات التنظيم عبر الشبكات الإلكترونية, حيث يعمل التنظيم على استهداف صغار السن المندفعين الذين يبدون استعدادهم لتنفيذ الأوامر, ومبايعة التنظيم الإرهابي, ومن ثم يقوم التنظيم بتوكيل آخرين للتواصل مع هؤلاء الأشخاص, وتزويدهم بالمعلومات حول الأماكن المستهدفة وتوفير الدعم اللوجستي لهم .
وحول وجود سجلات إجرامية سابقة لدى عناصر التنظيم من صغار السن أجاب اللواء التركي قائلاً : ” عندما نبحث عن مثل هذا الموضوع ونتلمس وجود صغار سن وأشخاص لا تتوفر عنهم أي سوابق أمنية لدى الجهات الأمنية، ولم يسبق لهم أن سافروا خارج المملكة، ندرك أن مثل هذه الحالات لا يمكن اكتشاف بوادرها إلا من خلال المجتمع القريب من كل شخص”.
وشدد خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في الرياض أمس ، على أهمية دور المرأة الأم والمواطنة والعائلة بشكل عام في حماية الأبناء واستيعابهم حتى لا يقعوا ضحية للتغرير من قبل التنظيمات الإجرامية .
من جانبها نشرت صحيفة الاقتصادية السعودية مقالة تحت عنوان : “داعش وكواليس استقطاب الشباب في تويتر في محاولة لاستقصاء عوالم تنظيم داعش الإرهابي الخفية في “تويتر” وطرق التجنيد والاستقطاب،وذلك باستخدام معرفات وهمية، رصد بعض المعرفات المحسوبة على دعاية التنظيم، و”المناصرون للدولة” كما يعرفون أنفسهم، إضافة إلى مراسلة شباب أكدوا أنهم كادوا أن يقعوا ضحية تنظيم “داعش” الإرهابي عن طريق “تويتر”. وهنا قراءة لبعض ما أمكن ملاحظته ورصده، بغرض فهم آلية هذا التجنيد وأجنداته الظاهرة والخفية، محليا وخارجيا.
فضول «قاتل»
حول تجربته في مراسلة معرفات محسوبة على التنظيم، يوضح أحد الشباب أن دافعه الأول لم يكن القناعة بفكر هذا التنظيم بل الفضول. ولكن الأمر ما لبث أن تحول إلى شيء من الرغبة في المغامرة شيئا فشيئا إثر الإلحاح والاهتمام الذي بات يلقاه من الشخص الذي تعرف عليه عن طريق “تويتر”.
يقول الشاب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، “كان دافعي في المقام الأول هو الفضول ومعرفة ما يدور في هذه العوالم الإرهابية، ظنا مني أن الأمر لن يتعدى قضاء وقت مسلٍّ”. ويضيف الشاب، “بدأت في مراسلة أحد المعرفات المحسوبة على التنظيم، معبرا عن رغبتي في الانضمام إلى التنظيم.
متوقعا حينها ألا تؤخذ رغبتي هذه على محمل الجد. ولكن العكس تماما ما حصل فبدأت مراسلات كثيفة من قبلهم ركزت في البداية على الترغيب في الانتقال إلى أرض “الدولة” بحسب تعبيرهم، فأشعروني حينها، وكأنها دعوة “سياحية”، إذ بسّطوا أمر السفر كثيرا، ووعدوا بكثير من المغريات حال الوصول. فالسكن المريح والزوجة “الجميلة” وأمور المعيشة كلها مرتبة.
في الوقت الذي كنت أتوقع فيه منهم دعوات للقتال والتفخيخ من أول لحظة”. وحول طبيعة الإلحاح الذي كان يلقاه، يضيف الشاب، “يظن كثيرون، أن المسؤولين عن التنظيم سيبدأون بدعوات حماسية للقتال والتضحية بالنفس على غرار كثير مما كنّا نسمعه عن مثل هذه الجماعات الإرهابية، ولكن العكس ما يحدث”.
ويخلص الشاب في حديثه، إلى أنه تراجع أخيرا “نظرا لقناعته بعبث هذه الجماعات”، لكنه لا يشك في أن أسلوبهم قادر علي إقناع غيره من المحبطين أو حتى من يملؤهم كثير من حب المغامرة مع قليل من التحصين المعرفي والنفسي لمواجهة مثل هذه الخطابات.
خيارات الوهم
وبالعودة إلى خيارات تنظيم “داعش” المتعددة على خلاف غيره من الجماعات الإرهابية التقليدية كالقاعدة وغيرها.
يمكن للشخص المستهدف الحصول على كثير من الخيارات بما فيها العمل الدعوي والإداري داخل ما يعتبرونه “دولتهم الإسلامية”. وفي الوقت ذاته يمررون للشخص المستهدف باستمرار، كثيرا من الخطابات والصور والمقاطع الحماسية، المباشرة وغير المباشرة، التي تدعو إلى القتال والترغيب في “الاستشهاد”، تاركين للأشخاص خيارات وهمية بين أنواع مختلفة من الأعمال، فالتقارير التي رصدتها “الاقتصادية” لمثل هذه الدعوات لم تستثن أحدا من التمجيد والإطراء طالما الهدف خدمة هذه “الدولة” المفترضة، التي يتغنون بها وبأفعالها. فهناك تقارير تثني على “المجاهد الإعلامي” الذي يخصص وقته وجهده للذود عن التنظيم وأفعاله. من أي مكان وفي أي زمان. كما أن هناك من التقارير ما لا يستثني من الثناء من يعدون الطعام للمقاتلين في أرض “الرباط” على حد تعبير إعلام “التنظيم” ودعايته العاطفية، المكثفة وغير التقليدية مقارنة بدعاية غيره من الجماعات الإرهابية.
وإن كانت جميع هذه الأعمال، في المحصلة، تصب في خدمة “التنظيم الإرهابي”. إلا أن هذه المساحة من الخيارات، على خلاف الجماعات الإرهابية الأخرى، تتيح للمستهدَف المتردد، خصوصا، مرونة أكبر. فيما تسمح لقيادات التنظيم بمعرفة أكبر للشخص المستهدَف وقناعاته، التي يمكن استغلالها وتوظيفها، بدءا بالأعمال التطوعية وانتهاء بالعمليات الانتحارية. كما يتيح لـ “التنظيم” استقطاب شرائح أكبر من الفتيان والفتيات حول العالم.
جاذبية «داعش»
فكرة إعلان إنشاء “دولة إسلامية”، التي وضعت حدا للعلاقة بين تنظيم القاعدة، ممثلا في زعيمه أيمن الظواهري، وتنظيم “داعش” الذي انطلق من العراق باتجاه سورية، دون علم أكيد أو واضح ببذور هذا الانقلاب ومن وراءه. نقطة محورية لا يمكن تجاهلها عمليا أو دعائيا إذا ما كان الحديث عن تأثير هذا التنظيم ومدى جاذبيته.
فهذه الفكرة تحديدا، ورغم السخرية التي طالتها من الجميع حول العالم فور إعلانها، إلا أنها هي التي أعطت، وما تزال، زخما واضحا ومعلنا للدعاية الداعشية على الانترنت، إضافة إلى تركيز هذا التنظيم منذ أن كان في العراق على إثارة النعرات الطائفية بين السنة والشيعة تحديدا من خلال استهداف المساجد وأماكن العبادة للطائفتين. مع بعض التفاصيل الدعائية الأخرى التي تركز على مخاطبة فئات بعينها من ذوي الموقوفين، مثلا، في قضايا إرهابية، إذ تعدهم بعض الرسائل الموجهة، من خلال “تويتر”، بتحرير ذويهم فور تمكين الدولة المزعومة. ومثل هذا النوع من الدعاية قد يستدعي، على وجه الخصوص، أسئلة حول دوافع الانتحاري القشعمي الذي فجر نفسه في مسجد الإمام علي بن أبي طالب، في بلدة القديح، إذ أعلن المتحدث الرسمي باسم الداخلية السعودية أن والد الانتحاري من الموقوفين على ذمة قضايا إرهابية.
إذن وبالمجمل، نحن أمام مخطط جهنمي لا يمكن أن يدار فقط بوحدة الأهداف الإرهابية، وتوظيف إرهابيين تم تجنيدهم في مناطق الصراع، من أفغانستان إلى العراق وسورية، كما كان يحصل إبان استهداف المنشآت الأمنية أو المصالح الغربية في المنطقة.
ولكنه يدار من خلال الإنترنت، وعن سابق معرفة خبيثة بنقاط ضعف الشباب المستهدف وقوتهم. إضافة إلى معرفة بخلفيات الصراع الثقافي والديني على مر الأزمان، بغرض إحياء النعرات الطائفية وإثارتها بين المسلمين أنفسهم. بل توظيفها من أجل استقطاب وتجنيد صغار سن لم يسبق لهم المشاركة في مناطق الصراع، كما أثبتت ذلك سير كثير من الموقوفين أخيرا لدى الداخلية السعودية.
تجنيد «ناعم»
الاستقطاب والتجنيد الناعم انطلاقا من محورية الفكرة الرومانسية الحالمة لدولة مزعومة، هو ما يمكن رصده وملاحظته بشكل جلي من خلال هذه المعرفات، فللشباب المستهدَف في هذه “الدولة” دور فاعل ومؤثر، مهما كان وضعه، وأيا كانت قدراته ورغباته.
كما أن هذه الدولة من خلال خطاباتها “التويترية”، أو غرف “البال توك” المغلقة والمتغيرة باستمرار لضمان السرية والتخفي، التي تعقد فيها اجتماعات الخلافة المزعومة، تقدم وعودا مستمرة بالتمكين مستقبلا، إضافة إلى نماذج بطولية انتحارية يتم تقديمها من خلال تقارير فنية إنشادية واستعراضية، تم حبكها بشكل احترافي، ليصل الأمر بهذه الجماعات إلى حالة معروفة علميا، يصفها الأستاذ الدكتور ممدوح غالب، في حديثه لـ “الاقتصادية”، بالـ “هستيريا الجماعية”، وبحسب الدكتور غالب فإن هذه الحالة “تبدأ بهلوسات فردية ثم تتعدى ذلك ليشمل حدوثها جماعة من الناس وكأنها عدوى وبائية أصابت عقولهم، فأثرت في حالتهم النفسية والجسدية في آن معا”.
وهنا لا يستبعد الدكتور غالب أن تكرار مثل هذه الاجتماعات والخطابات، وإن كانت صوتية وعن بعد، مع وجود استعداد أيديولوجي ونفسي، مشحون بكثير من الغضب والكراهية، يمكن أن يصل بهؤلاء الشباب إلى قناعات انتحارية تخدم الأهداف الإرهابية لهذه الجماعات على أرض الواقع.
وكما سبق وصرحت الداخلية السعودية بتقسيم تنظيم “داعش” خريطة المملكة إلى خمس مناطق مستهدفة بحسب ديموغرافيتها السكانية وبحسب ما تحتويه من منشآت حيوية مهمة، وتنويع هذا الاستهداف ما بين رجال أمن وإثارة نعرات طائفية. فهذا يتطابق وما يمكن ملاحظته من خلال ترويج هذا التنظيم خطابا تكفيريا معلنا يشدد على استباحة دماء المواطنين من الشيعة ورجال الأمن، حتى لو كانوا من الأقارب.
يبقى أنه من المهم أخيرا التأكيد على أن خطر “داعش” وخلفياته النفسية والتربوية الشخصية التي وصلت بهؤلاء الفتية إلى استهداف المساجد، والمصلين الآمنين، لا يمكن عزله عن أجندات خارجية تريد استنساخ سيناريو الفتنة في العراق وسورية، في السعودية.
فليس من باب المصادفة اختيار هذا التوقيت من السنة للتفجير المتسلسل في السعودية، إذا علمنا أنه وفي مثل هذا الشهر (شعبان) من العام الفائت تم استهداف كثير من المساجد في العراق، في حملة موجهة ومتسلسلة من قبل “التنظيم” لإثارة الفتنة الطائفية، التي يقتات عليها هذا “التنظيم”، ومن يقفون خلفه من خارج الحدود.