كشف ثروة العاهل الأردني في سويسرا.. والديوان الملكي يرد
كشفت التسريبات التي أعلنت عنها صحيفة ألمانية حول ثاني أكبر بنوك سويسرا أن ملك الأردن، عبد الله الثاني، كان أحد المتعاملين مع البنك وأنه كانت لديه حسابات أودع فيها ملايين الدولارات، بينما أكد محاموه أن ثروته أتت بطرق شرعية ولا تخالف قوانين المملكة.
وكانت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية كشفت كما هائلا من البيانات عن بنك كريدي سويس، ثاني أكبر بنوك سويسرا، تتضمن تفاصيل حسابات أكثر من 30 ألف عميل، من بينهم رجال أعمال وسياسيون كبار وحكام دول.
وتمت مشاركة هذه البيانات مع صحيفة الغارديان البريطانية، و47 وسيلة إعلامية أخرى كجزء من تحقيق عالمي يسمى “أسرار سويس”.
وقالت الغارديان إن البيانات تظهر أنه منذ عام 2011 ولمدة خمس سنوات كان لملك الأردن ستة حسابات على الأقل في البنك، بينما كان لزوجته الملكة رانيا حساب آخر.
وتشير إلى أنه كان قد فتح حسابين في 2011 عقب اندلاع احتجاجات مع يعرف باسم “الربيع العربي”.
وفي أحد الحسابات الستة، كشفت الوثائق عن إيداع مبالغ وصلت إلى 230 مليون فرنك سويسري (244 مليون دولار).
ومن جانبه، أكد الديوان الملكي الهاشمي في بين نقلته وكالة الأنباء الرسمية (بترا) أن التقارير الأخيرة “غير دقيقة وقديمة ومضللة”.
وقال البيان: “تابع الديوان الملكي الهاشمي تقارير نشرت مؤخرا حول حسابات بنكية لجلالة الملك عبدالله الثاني، احتوت معلومات غير دقيقة وقديمة ومضللة، يتم توظيفها بشكل مغلوط بقصد التشهير بجلالة الملك والأردن وتشويه الحقيقة”.
ووفق الغارديان، فقد أكد محامو الملك عبد الله والملكة رانيا أنه لم يرتكب أي مخالفات وأن أموالهما لا تخالف قانون الضرائب، وإن الملك غير مطالب بدفع الضرائب في الأردن بموجب القانون، كما أن نسبة كبيرة من الأموال في البنك السويسري مستمدة من ميراث والده الملك حسين، ولا توجد قوانين ضرائب على الميراث في الأردن.
وذكر محامو الملك أن حسابا واحد فقط من حسابات البنك ظل مفتوحا، وأن الحسابات هي لشركات استثمار شخصية (PICs) تم إنشاؤها لصناديق ائتمانية لتوفير الرعاية لأبنائهم، وأن أحد الحسابات يحتوي على عائدات بيع “طائرة كبيرة”.
وقال محاموه إن “نسبة كبيرة” من ثروته الشخصية استخدمت لتمويل مبادرات ملكية بصفته الشخصية لتلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين الأردنيين، فضلا عن ترميم المساجد المهمة، لكنهم رفضوا تحديد النسبة المئوية لهذه المساهمات.
وجاء في البيان الرسمي الأردني أن “الرصيد الإجمالي الذي ذكرته بعض التقارير رصيد غير دقيق حيث ضاعفت تلك التقارير المبالغ من خلال احتساب نفس الأرصدة عدة مرات”.
وقال البيان إن الجزء الأكبر من الأموال المترصدة في الحسابات “نتج عن عملية بيع طائرة كبيرة من نوع (إيرباص 340) بقيمة 212 مليون دولار، والاستعاضة عنها بطائرة (غولفستريم) صغيرة وأقل كلفة.
وأضاف أن الملك ورث طائرتين عن الملك الحسين، تم بيعهما، واستخدمت قيمتهما في عملية استبدال طائرات أكثر من مرة خلال العشرين عاما الماضية، وشمل ذلك بيع طائرة كبيرة واستبدالها بطائرة صغيرة يستخدمها حاليا.
وقالت إنه نتج عن استبدال الطائرة “توفير مبلغ يستخدم مع الأموال والأصول الخاصة بالملك لتغطية النفقات الخاصة للعائلة الهاشمية، إضافة إلى تمويل المبادرات الملكية المختلفة خلال السنوات الماضية”.
وأضاف أن الحسابات المغلقة المذكورة في التقارير “تشمل حسابا أودعت فيه بعض المبالغ التي ورثها الملك عن الملك (حسين) أما بالنسبة لحساب أبناء الملك، المسجل باسم الملكة رانيا، فقد تم فتح هذا الحساب من الأموال الشخصية للملك، وتم وضعه تحت ولاية والدتهم، نظرا لكونهم لم يكونوا تجاوزوا السن القانونية وقت فتح ذلك الحساب”.
وأكد البيان أن الأموال والأصول الخاصة بالملك “مستقلة عن خزينة الدولة والأموال العامة، وتدار من قبل الخاصة الملكية، وهي إدارة قائمة في الديوان الملكي الهاشمي منذ أكثر من 70 عاما”.
ويقول تقرير الغارديان إن ملك الأردن استطاع تهدئة الشارع في أوج الاحتجاجات التي أطاحت بقادة تونس ومصر وليبيا واليمن في 2011 وبعد اندلاع حرب وحشية في سوريا، وكان قادرا على “درء تهديد معارضة ناشئة من خلال قمع المعارضة والوعود بأيام أفضل”.
لكن في السنوات الـ10 التالية تأزم الاقتصاد والأحوال المعيشية للمواطنين فيما كان الملك يتمتع بـ”ثروة ظاهرة”، وعندما وافق صندوق النقد الدولي على مساعدة الأردن مشترطا تقليل الإنفاق الاجتماعي “كان الملك ينقل مبالغ هائلة بين حساباته السويسرية”.
وجاءت التسريبات الجديدة بعد نحو ستة أشهر من الكشف عن “وثائق باندورا” التي كشفت أيضا عن ثروة للملك تقدر بنحو 100 مليون دولار عبارة عن ممتلكات فاخرة في بريطانيا والولايات المتحدة.
وتؤكد الغارديان أن امتلاك حساب مصرفي خارجي ليس أمرا مجرما قانونيا، ولا يوجد ما يشير إلى أن الملك عبد الله قد انتهك القوانين بامتلاك ثروة في الخارج، أو ما يشير إلى مخالفات أو تقصير من جانب البنك في مسألة المراجعة اللازمة لبيانات العملاء.
لكن التسريبات “تثير تساؤلات متجددة حول مصدر ثروة تحت تصرف الملك في بلد مدعوم سنويا بمليارات الدولارات من المساعدات الخارجية، وستثير تساؤلات بشأن ما إذا كان الملك ربما كان يبحث عن ملاذات آمنة لثروة الأسرة مع تفاقم المشاكل في بلاده”.
وأكد الديوان الملكي، من جانبه، على أن “المساعدات الخارجية تخضع لتدقيق مهني، إذ يتم توثيق أوجه إنفاقها واستخداماتها بشكل كامل من قبل الحكومة، ومن قبل الدول والجهات المانحة، بشكل مؤسسي ضمن اتفاقيات تعاون خاضعة لأعلى درجات الرقابة والحوكمة”.
وأكد البيان أن ادعاء يربط الأموال في هذه الحسابات بالمال العام أو المساعدات الخارجية “هو افتراء لا أساس له من الصحة، ومحاولة للتشهير وتشويه الحقيقة، واستهداف لجلالة الملك وسمعة الأردن ومكانته بشكل ممنهج ومستمر منذ أن صدرت تقارير مماثلة تم نشرها العام الماضي تناولت أيضا تسريبات تعود إلى فترات سابقة