الحلقة تضيق على «الملثم» ذابح الصحافي الأميركي
وكشفت تقارير أمس أن الحلقة تضيق على الملثم الذي ظهر في الفيديو وتحدث في ما يبدو باللكنة البريطانية لسكان لندن أو جنوب شرقي البلاد. وقالت مصادر بريطانية إن أبرز المشتبه بهم واحد من ثلاثة، أولهم عبد المجيد عبد الباري، البريطاني من أصل مصري ومغني «الراب» سابقا في لندن، حيث ولد قبل 23 سنة لأبوين مصريين، وهو على «ما يبدو» الملثم «الذي شاهدناه الثلاثاء الماضي في فيديو (داعشي) الطراز، وبقربه الصحافي الأميركي جيمس فولي، جالسا على ركبتيه في مكان ما من بادية الشمال السوري، ثم نحره وجز رأسه، ليبث بما فعل الرعب في قلوب مئات الملايين حول العالم». وقال التنظيم إن قتل فولي كان انتقاما من الغارات الجوية الأميركية على مقاتلي التنظيم في العراق. وحذرت شرطة المتروبوليتان البريطانية من أن «مشاهدة أو تحميل أو نشر» الفيديو قد يعتبر جريمة طبقا لقانون الإرهاب البريطاني.
في غضون ذلك، أفاد مسؤولون بأن الجيش الأميركي فشل في مهمة لتحرير فولي من أيدي محتجزيه. وأفادت صحف بريطانية بأن الشخص الذي ظهر وكأنه منفذ عملية القتل هو زعيم مجموعة من البريطانيين ويعتقد أن اسمه «جون» وكان يقيم في العاصمة البريطانية. وقال الرئيس السابق للاستخبارات الخارجية البريطانية لراديو «بي بي سي» إنه يعتقد أن تتبع هوية هذا الشخص ممكن بشكل كبير، مشيرا إلى أن «تحديد الإجراءات التي يمكن اتخاذها بشأنه سيعتمد على تحديد هويته».
وتسعى الأجهزة الأمنية في المملكة المتحدة لتحديد هوية عناصر تنظيم داعش الذين ظهروا ملثمين في مقطع فيديو لقطع رأس الصحافي فولي بتعاون وثيق على أعلى مستوى مع جهاز الاستخبارات البريطانية «إم آي فايف».
وكان فولي قد أرسل تقارير صحافية كثيرة من مناطق مختلفة في أنحاء الشرق الأوسط، إذ كان يعمل لـ«غلوبال بوست» الأميركية، وبعض الجهات الإعلامية الأخرى، ومن بينها وكالة الصحافة الفرنسية. ويظهر في الفيديو، الذي كان عنوانه «رسالة إلى أميركا»، رجل قدم على أنه جيمس فولي، يرتدي سترة برتقالية، ويجلس على ركبتيه في منطقة صحراوية جرداء، وبجانبه رجل مسلح ملثم يرتدي ملابس سوداء.
في غضون ذلك. تكشف أمس أن طبيبا لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية من شرق لندن كان متهما في ما سبق باختطاف الصحافيين الأجانب في سوريا، لديه مفتاح يساعد في تحديد الجهاديين الذين ذبحوا الصحافي الأميركي جيمس فولي، حسبما كشفت مصادر استخبارية. وتم اعتقال شاجول إسلام، ووجه له الاتهام باختطاف الصحافي البريطاني جون كانتيل، في عام 2012، غير أنه أطلق سراحه عقب انهيار محاكمته عندما أخفق السيد كانتيل في تقديم ما يكفي من الأدلة.
وكان شاجول دائما ما يتخفى وراء براءته، مدعيا ذهابه إلى سوريا لاستخدام مهاراته الطبية في معالجة ضحايا الحرب الأهلية. وقد غادر شقيقه رازول (21 عاما) أيضا إلى سوريا ويعتقد أنه يقاتل مع «داعش» وهو التنظيم الإرهابي المسؤول عن مقتل الصحافي فولي. ومن المعروف أن اسم رازول يوجد على قائمة الجهاديين البريطانيين الذين تعمل الأجهزة الأمنية على مقارنتهم بلقطات قاتل فولي، حيث وصف رجل بريطاني يدعى «جون» بأنه زعيم خلية الجهاديين البريطانية والمعروفة باسم «البيتلز» في سوريا، والتي عهد إليها بحراسة الأسرى. وصرح الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية البريطانية (MI6) قائلا «إن ذراع العدالة الطويلة تقترب من جون، حيث وضعت قوات النخبة البريطانية (SAS) على أهبة الاستعداد لاعتقاله».
ويعد شاجول إسلام (28 عاما)، ومعه رجل آخر يدعى جبير تشودري (24 عاما)، والذي اتهم وأخلي سبيله على أثر الاتهام بالاختطاف، البريطانيين الوحيدين اللذين اتهما باختطاف رعايا غربيين في سوريا. ويحاول المحققون الآن تحديد ما إذا كان الرجلان من ستراتفورد، شرق لندن، قد يمتلكان معلومات حول هوية قاتل فولي أم لا. وقد تم تعليق ممارسة شاجول إسلام للطب حاليا، والذي يعمل كطبيب لدى مستشفى سانت بارت. وأفادت مصادر الاستخبارات الأميركية بأنهم كانوا حريصين على تحديد ما إذا كان إسلام قد تقابل مع قاتل فولي أثناء وجوده في سوريا أم لا. فيما انفردت «صنداي تايمز» البريطانية أمس، بمقال مطول كتبه وزير الخارجية فيليب هاموند، الذي حقق كتبه ثلاثة من خبراء الصحافة الاستقصائية عن دولة الإرهاب «داعش» التي حولت مساحات شاسعة في سوريا والعراق «إلى دولة إرهابية وقاعدة لشن هجمات على الغرب»، طبقا لتعبيره.
وجاء تلميح الصحيفة البريطانية إلى أن قاطع الرأس تمت معرفة هويته، وثانيا لقولها «في حين أن المصادر لم تعط تفاصيل عن الرجل الذي تم التعرف إليه»، إلا أن المشتبه الرئيس به هو عبد المجيد عبد الباري، الذي نشر صورة في «تويتر» قبل مدة، يحمل فيها رؤوسا مقطوعة، ومن دون أن تتطرق لمشتبهين آخرين. وعبد المجيد هو نجل عادل عبد الباري الذي نشأ في حي شبرا بشمال القاهرة في شارع متفرع من الترعة البولاقية بالقرب من جامع الهجين، وهو متهم في تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998، احتجز في سجن «لونغ لارتين» بلندن، وبيل مارش، وكلاهما شديد الحراسة، لأكثر من 12 سنة قبل ترحيله إلى سجن كولورادو الذي يحتجز فيه أيضا عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية المصرية. والأب كان محاميا ترافع عن قضايا الجهاديين، وكان محسوبا على تنظيم الجهاد المصري بقيادة أيمن الظواهري، قبل أن يغادر مصر طلبا للجوء السياسي قبل 25 عاما.
وتربى الابن عبد المجيد في لندن، وهو واحد من ستة أشقاء في مدارس بريطانية، وشرب الثقافة الغربية، ولم يكمل تعليمه، ولم يحصل على الثانوية البريطانية، بحسب مقربين من الأسرة، ولم يكن قريبا من الدين أو ممن يذهبون إلى المساجد أو يواظبون على الصلوات والفروض. وامتهن موسيقى الراب بعد ذلك، وله أشرطة عديدة على الإنترنت، ثم التحق بالتنظيم «الداعشي» حين غادر بريطانيا إلى سوريا أوائل العام الماضي.
من جهته، قال الدكتور هاني السباعي، مدير مركز «المقريزي» بلندن، إنه عرف هذا الشاب صغيرا، لكنه لا يعرف ماذا حدث له، وفسر «ربما يكون بسبب الضغوط النفسية التي عانى منها بسبب طول فترة احتجاز والده منذ عام 1998». وأضاف أنه تصدى للفكر الداعشي في لندن من خلال خطبه الأسبوعية بأحد المساجد اللندنية ومساهماته أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أنه أطلق على خلافة البغدادي، التي أعلنها المتحدث باسمه «داعش» أبو محمد العدناني «خلافة قاطعي الرؤوس»، وأكد أنها «خلافة باطلة»، لأن «الخلافة لا تقوم على أيدي الكذابين وقتلة الأطفال والأبرياء، لأنهم أيضا يستخدمون الآيات في غير موضعها». وقال «إنهم قالوا في بيان (الخلافة) إنه (وعد الله)، لكن وعد الله لا يجيء مع الكذابين». وأشار السباعي إلى أن أدبياتهم مثيرة للتقزز وشعاراتهم صادمة مثل «الذبح بلا رحمة»، و«إما أن تبايع أو طلقة في الرأس»، و«إن لم تبايع فأنت لست على الملة». وأوضح «كلمة (جماعة الدولة) لا نرى فيها إلا نذير حرب وشؤم، لم نكن نتصور أن يصل هذا التنظيم إلى هذه الدرجة من الغلو والتطرف الذي عشعش في أدمغة القادة قبل الأنصار والأتباع»!
لا تعليق